مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[ذكر خلاف الأشعرية والمطرفية في القرآن، وبيان بطلان قولهم]

صفحة 109 - الجزء 1

  تَكْلِيمًا ١٦٤}⁣[النساء]، ولا اختلف من عدا المشبهة الذين لا يعتد بخلافهم في أن الله سبحانه، لا يجوز أن يتكلم بآلة كآلة المخلوق، ولا في أنه سبحانه لا يجوز عليه الكون في الشجرة، ولا في أن الشجرة تكلمت.

  فأما اختلافهم في القرآن فأئمة العترة $ ومن قال مثل قولهم يقولون: إنه كلام الله سبحانه، وإنه أوجده كما أوجد غيره من مخلوقاته، وإنه لا فرق بينه وبين كلام المخلوقين إلا بكونه أفصح، وكونه معجزاً.

  ومما استدلوا به على ذلك: قوله سبحانه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦]، والكلام الذي يسمعه هو ما يتلى عليه من هذا القرآن الحكيم، وهذا نص صريح في موضع الخلاف، و [لأن⁣(⁣١)] من المعلوم الذي لا اختلاف فيه أنه لا يعقل كون الكلام كلاماً إلا إذا كان منتظماً من حرفين فصاعداً حتى يصح النطق به وسماعه وكتابته.

[ذكر خلاف الأشعرية والمطرفية في القرآن، وبيان بطلان قولهم]

  وخالفهم في ذلك الأشعرية والمطرفية: أما الأشعرية: فزعموا أن القرآن قديم، وأن الله سبحانه متكلم فيما لم يزل، واحتجوا على ذلك بأنه لو لم يكن متكلماً لكان ساكتاً أو أخرس.

  قالوا: وأما ما يسمعه الناس ويكتبونه فهو دليل عليه، وليس هو هو، واحتج بعضهم على ذلك بقول الشاعر:

  إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جُعِل اللسان على الفؤاد دليلا

  والذي يدل على بطلان قولهم: «إنه قديم» وصفهم له بأنه كلام، وإذا كان كلاماً فهو محدث؛ لأنه لا يعقل كون الكلام كلاماً إلا إذا كان فعلاً⁣(⁣٢)


(١) ما بين القوسين ساقط في (ب).

(٢) في (ب): قولاً لمتكلم.