[ذكر خلاف الأشعرية والمطرفية في القرآن، وبيان بطلان قولهم]
  للمتكلم يتصرف تصرف الأفعال؛ ولذلك قال الله سبحانه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}[النساء].
  والذي يدل على بطلان قولهم: «إنه لو لم يكن متكلماً فيما لم يزل لكان ساكتاً أو أخرس»: أن السكوت والخرس من صفات آلة الكلام، وهم لا يقولون بأنه سبحانه متكلم بآلة؛ فبطل إلزامهم.
  والذي يدل على بطلان قولهم: «إن ما يسمع ويكتب دليل على القرآن وليس هو هو»: تكذيب الله سبحانه لذلك بما حكاه من سماع موسى لكلامه، وكذلك قوله في المشرك: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦]، وكذلك قوله سبحانه: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ١٨ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ١٩(١)}[الأعلى]، ونحو ذلك مما يدل على أن كلامه يسمع ويكتب.
  وأما المطرفية: فزعموا أن هذا القرآن حكاية عن القرآن الذي زعموا أنه صفة لقلب الملك الأعلى.
  واعلم أن هذا تكلف(٢) منهم لتفسير القرآن بما تقدم ذكره من حكاية أقوال الفلاسفة بالعقل الأول، وذلك العقل عند بعضهم هو الملك الأعلى، وهو إسرافيل، ودلسوا نفوسهم ومذهبهم بادعائهم أنهم زيدية ومسلمون؛ ليستحوذوا بذلك على عقل من أضلوه من أغمار المقلدين، وقولهم هذا وما أشبهه من تدليساتهم اختراص وتوهم، ودعاوى لا دليل لهم على صحتها من عقل ولا سمع فيشكل على [كل(٣)] عاقل أو(٤) يحتاج إلى جواب؛ وذلك لأنهم يعجزون عن صفة الملك الأعلى فضلاً عن صفة قلبه.
(١) زيادة من نخ (ب).
(٢) نخ (أ): تكليف.
(٣) زيادة من نخ (ب).
(٤) في (ج): أن يحتاج.