مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معنى أن الله سبحانه مريد، وذكر الأقوال في ذلك]

صفحة 111 - الجزء 1

  ومما يوضح ذلك أنهم لا يتكلمون به ولا يعلِّمونَه إلا من قَبِلَهُ منهم، فأما من طلب منهم عليه الحجة أو عرفوا أنه قد عرف من أين أخذوه فإنهم لا يسعفون للكلام فيه معه، ومنهم من يجحده إذا أمكنه ذلك، ويوهمون اتباعهم أن مشائخهم أوصوهم بأن⁣(⁣١) لا يتكلموا في ذلك مع الجهال، وكذلك جميع غلاة الباطنية والصوفية؛ فاعرف ذلك.

[الكلام في معنى أن الله سبحانه مريد، وذكر الأقوال في ذلك]

  وأما وصف الباري سبحانه بأنه مريد: فالخلاف في الإرادة لا في المريد، وفي ذلك ثلاثة مذاهب:

  الأول: قول أئمة العترة $: إنه سبحانه مريد لا بإرادة، كما أنه فاعل لا بآلة، ومتكلم لا بآلة، وقادر لا بقدرة؛ وذلك لأنه سبحانه لو كان مريداً بإرادة لم تخل تلك الإرادة: إما أن تكون معقولة فليس المعقول إلا ما أشبه إرادة المخلوق - تعالى الله عن ذلك -، وإما أن تكون غير معقولة فيكون الكلام فيها غلواً وعبثاً وتجاوزاً لحد العقل وحد التكليف.

  والمذهب الثاني: قول الأشعرية: إنه سبحانه مريد لذاته إرادة قديمة.

  والذي يدل على بطلان ذلك هو: كونه خارجاً عن حد العقل؛ وذلك لأنه لا يعقل كون الإرادة إرادة إلا إذا كانت فعلاً للمريد، ووصف الفعل بالقدم مما لا يخفى بطلانه على كل عاقل.

  والمذهب الثالث: قول المعتزلة: إنه سبحانه مريد بإرادة محدثة، وإنه خلقها ولم يردها، وإنها عرض موجود لا في محل، وإنها مختصة به على أبلغ الوجوه؛ لأجل وجوده⁣(⁣٢) لا في محل. وكل هذه الأقوال ظاهرة البطلان.


(١) في (ب): ألا يتكلموا.

(٢) نخ (أ): وجودها.