مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معنى أن الله سبحانه مريد، وذكر الأقوال في ذلك]

صفحة 112 - الجزء 1

  أما قولهم: إنه مريد بإرادة محدثة، فالذي يدل على بطلانه كون دليلهم عليه مبنياً على الغلط، وذلك قولهم: قد ثبت كونه سبحانه مريداً؛ فلا يخلو: إما أن يكون مريداً لذاته أو لغيره، وإذا كان مريداً لغيره فلا يخلو: إما أن يكون فاعلاً أو علة، وإذا كان لعلة لم يخل: إما أن تكون قديمة أو محدثة؛ ثم أبطلوا الأقسام كلها إلا العلة المحدثة التي زعموا أنها أوجبت كونه سبحانه مريداً.

  وموضع الغلط من⁣(⁣١) هذه القسمة في أولها، وهو قولهم: لا يخلو: إما أن يكون مريداً لذاته أو لغيره، ثم وقفوا على هذين القسمين المستحيلين، وأسقطوا القسم الثالث الذي هو صحيح، وهو كونه سبحانه مريداً لا لذاته ولا لغيره؛ لأجل كونه مريداً لا بإرادة.

  وأما قولهم: إنه سبحانه خلق الإرادة ولم يردها، فالذي يدل على بطلانه: هو ما يعلمه كل عاقل من أن الفاعل لما لا يريد لا يخلو: من أن يكون زائل العقل، أو ساهياً، أو ملجأً - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -.

  فإن زعموا أن الدليل أداهم إلى تجويز ذلك فيه سبحانه خاصة - فالجواب: أنه إذا لم يجز أن يؤدي الدليل إلى إثباته في المخلوق فبأن لا يؤدي إلى إثباته في الباري سبحانه أولى.

  وأما قولهم: إنها عرض موجود لا في محل، فالذي يدل على بطلانه: إجماعهم مع الأئمة $ على أنه يستحيل في الشاهد وجود عرض لا في محل، ومن المعلوم بالدليل الصحيح أنه لم يستحل [في الشاهد⁣(⁣٢)] إلا لأجل كونه عرضاً، ولا مخصص في ذلك لعرض دون ما عداه.


(١) في (ب): في.

(٢) ما بين القوسين زيادة في (ب).