[استحقاق الخلود في النار]
  هذا إذا كان الخطاب عاماً لأهل الجنة وأهل النار، وإن كان خاصاً للذين(١) عناهم بقوله سبحانه: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ}[مريم: ٦٨]، ارتفع الخلاف.
  ومما احتج به من أنكر ورود أهل الجنة لجهنم قول الله سبحانه: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا}[الأنبياء: ١٠٢]، وقوله: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩}[النمل]، قالوا: ولا فزع أعظم من المرور فوق جهنم على مثل حد السيف، ومع ذلك فقد أخبر الله سبحانه أن لكل باب من أبواب جهنم جزءاً من أهل النار مقسوماً، وأنهم يساقون إليها من موضع الحساب الذي يَرِدُهُ كل إنسان(٢) إلا من شاء الله سبحانه من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وكذلك أهل الجنة يساقون إليها من ذلك الموضع، لا إلى جهنم.
[استحقاق الخلود في النار]
  المسألة الرابعة: في استحقاق الخلود في النار هل هو بعمل أو لا بعمل؟
  وذلك لأن المجبرة يزعمون أنه مستحق لا بعمل؛ لأنه لا قدرة للمخلوق بزعمهم.
  ومما يشنع به بعضهم سؤالهم عمن مات عقيب(٣) بلوغه وقد عصى معصية واحدة: هل يخلد أم لا؟ فإن قيل: يخلد، أَلْزَموا أن ذلك ظلم؛ لئلا يعترض بمثله عليهم، وإن قيل: لا يخلد، أَلْزَموا الخروج من المذهب.
  وقد تقدم ذكر ما يدل على بطلان قولهم: إنه لا قدرة للمكلف على فعل ما كلف فعله، وترك ما كلف تركه، مع كون بطلانه ظاهراً؛ لأجل مخالفتهم به للعقل والسمع.
  أما العقل: فلأن الله سبحانه جبل العقول على معرفة الفرق بين الظلم والعدل في الشاهد.
(١) في (ب): بالذين.
(٢) في (ب): الناس.
(٣) نخ (ب): بعد.