مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[استحقاق الخلود في النار]

صفحة 128 - الجزء 1

  وأما السمع: فلأن الله سبحانه نفى الظلم عن نفسه، وأضافه إلى الظالمين من عباده، ومن المعلوم ضرورة أنه لا يعقل كون الظالم من⁣(⁣١) المخلوقين ظالماً إلا إذا فعل الظلم، وأنه لا يعقل كون العادل عادلاً إلا إذا أنصف المظلوم من الظالم، ومن المعلوم عقلاً وسمعاً أنه لا يجوز أن يضاف إلى الله سبحانه فعل ما جبل العقول على معرفة قبحه، ونهى المكلفين عن فعله، فكذلك كل ما تمدح سبحانه بنفيه عن نفسه.

  وأما تشنيعهم وتدليسهم بالسؤال عمن عصى معصية واحدة عقيب بلوغه ثم مات - فالجواب عن ذلك بأمور:

  منها: أنا لم نتعبد بعلم الغيب، وإنما تعبدنا بإجراءِ أحكام الشريعة في الظاهر، وتركِ الخوض بالأوهام فيما لا علم لنا به.

  ومنها: أنه لا يعتبر في استحقاق الخلود في النار بالمعصية إلا الإصرار عليها بحيث إنه لو أخرج من النار لعاد لما نهي عنه.

  ومنها: أن لله سبحانه ألطافاً خفية، ورحمة واسعة، ومن الممكن أن يكون سبحانه ألهم ذلك العاصي التوبة والندم قبل موته، وعلمها من ضميره، وختم بها له، فيكون حكمه عند الله في الباطن بخلاف حكمه عندنا في الظاهر.

  ومنها: أنه يمكن أن يكون ممن يقبل الله سبحانه فيه الشفاعة.

  وأشباه ذلك مما يدل على أن الله سبحانه لا يدخل أحداً النار ويخلده فيها إلا⁣(⁣٢) بذنب فعله في الدنيا، ومات مصراً عليه، بعد الإعذار والإنذار والتمكين من فعل الطاعة وترك المعصية.


(١) في (ب): كون الظالم ظالماً من المخلوقين إلا إذا فعل الظلم.

(٢) نخ (ب): لا بذنب.