[زعم المجبرة أن الله يخلف الوعيد، والجواب عليهم]
[زعم المجبرة أن الله يخلف الوعيد، والجواب عليهم]
  والمسألة الخامسة: إخلاف الوعيد، وذلك لأن المرجئة يزعمون أن الله سبحانه يخلف وعيده لأهل النار بالخلود فيها، واحتجوا على ذلك من المتشابه(١) والشبه بما لا حجة لهم فيه.
  أما المتشابه: فنحو قول الله سبحانه: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ٢٣}[النبأ]، وقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا}، ثم استثنى بقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ}[الأنعام: ١٢٨]، وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠].
  والجواب: أن هذه الآيات وما أشبهها من [جملة(٢)] المتشابه المجمل الذي قد بينه الله سبحانه بالآيات التي أكدها بالتأبيد الذي لا انقطاع له، وتحكيم المحكم المبيَّن على المتشابه المجمل واجب لا يجوز خلافه، مع أنه لو لم يرد في ذلك إلا ما حكاه الله سبحانه من قول الكفار: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}، وتكذيبه سبحانه لهم بقوله: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٨١}[البقرة]، ونحو قوله سبحانه: {قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٢٤}[آل عمران] - لكفى(٣) به للمرجئة فاضحاً، ولنا عليهم دليلاً واضحاً.
  وأما إيهامهم للمماثلة بين سيئة العاصي والسيئة التي هي جزاء له فليس بينهما مماثلة في الكيفية ولا في المقدار، مثاله: ما نعلمه في الشاهد من قطع يد السارق التي ديتها خمس مائة مثقال على سرقته التي قيمتها عشرة دراهم قفلة.
  وأما الشبه: فنحو قولهم: إن العقلاء في الشاهد يستحسنون إخلاف الوعيد ويمدحون عليه.
(١) نخ (ب): بالمتشابه.
(٢) زيادة من نخ (أ).
(٣) هذا جواب «لو» في قوله: مع أنه لو لم يرد ... إلخ.