مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[ذكر أمثلة ما طريق معرفته نظر المكلف لنفسه وتحريه للأصلح فيما التبس عليه، وأحكامه]

صفحة 140 - الجزء 1

  الآية بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه»، وبأنه⁣(⁣١) ÷ بايعهم له ولم يبايعه لهم، وأمَّره عليهم ولم يؤمِّر أحداً منهم عليه. وأكد ÷ ما في آية المباهلة وخبر الكساء من ذكر ذريته وعترته بالأخبار الكثيرة البينة، نحو قوله: «عليكم بأهل بيتي»، وقوله: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به من بعدي لن تضلوا أبداً⁣(⁣٢): كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، وما أشبه ذلك مما يدل على أنه لا بد لله سبحانه في كل عصر من حجة من ذرية نبيه: إما سابق وإما مقتصد، لا يجوز لأحد من رعيته مخالفته، ولا المخالفة بينه وبين أحد من سلفه، بحيث يوهم التفرق في الدين الذي ذمه الله سبحانه؛ لأجل كون حكم خليفة النبي ÷ كحكمه فيما يجب عليه وله؛ فكما تجب الطاعة للنبي، والاقتداء به، والتسليم لأمره - فكذلك خليفته، وكما لا يجوز لخمسة من الأمة أن ينصبوا سادساً يقوم مقام النبي ÷ فكذلك لا يجوز لخمسة من الرعية أن ينصبوا سادساً يقوم مقام الإمام، وكما لا يجوز الاستغناء بالرأي والاجتهاد عن النبي، فكذلك لا يجوز الاستغناء به عن الإمام مع التمكن من سؤاله والرد إليه. وكما لا يجوز معارضة النبي في التنزيل، فكذلك لا يجوز معارضة الإمام في التأويل الذي خصه الله سبحانه بإرثه، وجعله أهلاً له، وكما يجب تصديق النبي فيما يرويه عن الله سبحانه، فكذلك يجب تصديق الإمام فيما يرويه عن النبي.

  وكما لا يجوز الاعتراض على النبي بكونه بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، فكذلك لا يجوز الاعتراض على الإمام بكونه واحداً من آحاد المكلفين؛ ليتوصل بذلك إلى ترك قبول روايته، وإلى تجويز الاستغناء عنه باجتهاد غيره أو روايته.


(١) نخ (ب): وبأن النبي.

(٢) في نسخة (س): لن تضلوا من بعدي.