[الفصل الخامس: في ذكر صفة من يجوز له الاجتهاد]
  والضرب العاشر: مسائل اختلفت لأجل كون بعضها إما واقعاً على سبيل السهو والغلط، وإما مكذوباً كما تقدم، وإما قول من سلك غير طريقة سلفه من العترة، وأشباه ذلك مما لا يحتمل التأويل، ولا يجوز نسبته إلى أحد من أئمة الهدى $، ومن هاهنا يعلم غلط من ادعى أنه على مذهب بعض الأئمة في مسألة لا يجوز نسبتها إلى ذلك الإمام الذي زعم أنه على مذهبه، ولذلك التبس المحق بالمبطل في كثير من المسائل.
[الفصل الخامس: في ذكر صفة من يجوز له الاجتهاد]
  وأما الفصل الخامس: وهو في ذكر صفة من يجوز له الاجتهاد:
  فاعلم أن من أظهر صفاته التي لا خلاف فيها: أن يكون عالماً بنصوص الكتاب والسنة الدالة على أصول الشريعة وفروعها، التي لا يصح معارضتها بالاجتهاد؛ لأن من شرط صحة الاجتهاد ألا يكون إلا في حادثة لا نص عليها، ولا يعلم كونها حادثة إلا من أحاط بعلم خطاب(١) الله سبحانه وخطاب رسوله ÷، ويعلم كيفية الاستدلال به، وما هو منه معلوم لا يحتاج إلى تأويل، وما يحتاج في تأويله إلى العقل، أو إلى اللغة العربية، أو إلى الإجماع.
  ولا يحيط بعلم ذلك إلا من عرف الفرق بين المحكم والمتشابه، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، وعرف ما هو مجمع عليه من الأخبار، وما هو منها موافق لمحكم الكتاب، وما هو منها موافق لمتشابهه، وعرف ما يصح قياسه والقياس عليه، وأشباه ذلك مما لا خلاف في وجوب معرفته على الجملة.
  فأما على التفصيل: فاعلم أن أئمة العترة $ وعلماء العامة قد اختلفوا في كثير من نصوص الكتاب والسنة الدالة على الإمامة وغيرها؛ لأجل اختلافهم في تأويلها، حتى جُعِل كثير من محكمها متشابهاً، وكثير من مبينها مجملاً، وكثير من خاصها عاماً.
(١) في (ب): كتاب.