[الفصل الأول: في عموم البلوى، وبيان وجه الحكمة فيها]
[ذكر جملة من مقدمات البلوى التي ينبني عليها الكلام في علوم الدين]
  أما الموضع الأول فهو ينقسم إلى سبعة فصول:
  الأول: في ذكر عموم البلوى، وبيان وجه الحكمة فيها.
  والثاني: في البلوى باختلاف طرق العلم، وذكر بعض أمثلتها، وما يجب ترتيبه منها.
  والثالث: في البلوى بمقارنة هوى النفوس للعقول.
  والرابع: في البلوى باشتمال القرآن على المحكم والمتشابه.
  والخامس: في البلوى بجواز استعمال المجاز مع الحقيقة في كثير من الأسماء والعبارات.
  والسادس: في البلوى بالتخلية والتمكين لأعداء الحق والمحقين.
  والسابع: في البلوى بإيجاب الولاء والبراء في الدين.
[الفصل الأول: في عموم البلوى، وبيان وجه الحكمة فيها]
  أما الفصل الأول: فكل عاقل على الجملة مبتلى بضروب من البلوى، ولذلك سمي متعبداً ومكلفاً، وذلك ظاهر في كتاب الله سبحانه بما يكثر عن الإحصاء(١)، من ذلك قول الله سبحانه: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ}[الإنسان: ٢]، وقال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: ٢]، وقال: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥].
  وقال في بلوى المفاضلة: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}[الأنعام: ١٦٥]، وقال: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}[الأنعام: ٥٣]، وهذا موضع الفائدة من هذا الفصل، وهو التنبيه على معرفة عظم هذه البلية التي لأجلها هلك أكثر الأولين والآخرين.
(١) في إحدى النسختين: الاختصار، وفي الأخرى: الإحصار. وأظن أن ما أثبتناه هو الصواب.