مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثاني: في البلوى باختلاف طرق العلم، وذكر بعض أمثلتها]

صفحة 164 - الجزء 1

[الفصل الثاني: في البلوى باختلاف طرق العلم، وذكر بعض أمثلتها]

  وأما الفصل الثاني: وهو في البلوى باختلاف طرق العلم، وذكر بعض أمثلتها، وما يجب ترتيبه منها:

  فوجه الحكمة فيها التمييز بين من يقف بعقله على حده وفرضه، ومن يتعدَّ الحدود بوهمه، ويتعاطى معرفة ما لا علم له به، وذلك لأن من المعلومات ما لا طريق لكل المكلفين أو لبعضهم إلى معرفته على الجملة، أو على الجملة والتفصيل؛ لكونها من الغيوب التي استأثر الله بعلمها، أو خص بعلمها بعض عباده.

  وشاهد ذلك قوله سبحانه: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨}⁣[النحل]، وقوله: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}⁣[الإسراء]، وقوله: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ٧٦}⁣[يوسف]، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}⁣[آل عمران: ١٧٩]، وقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، وقوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦].

  ومن المعلومات ما فطر الله العقول على معرفته ضرورة، وهو على الجملة كل ما يُعَدُّ من خالف فيه مكابراً لعقله⁣(⁣١).

  ومن أمثلة ما يتعلق بذكره الغرض منها: العلم بأنه يستحيل إثبات متوسط بين النفي والإثبات، نحو شيء ولا شيء؛ فإنه لا يجوز أن يتوسط بينهما إلا ما يعلم ضرورة أنه محال، نحو أن يوصف أمر بالنفي والإثبات معاً فيقال: شيء ولا شيء، أو يوصف بنفيهما معاً فيقال: لا شيء ولا لا شيء.

  وكذلك الجمع بين صفتي القدم والحدوث، نحو أن يوصف أمر بأنه محدث وأزلي، أو محدث ولا نهاية لجنس ذاته، أو محدث ولا أول لذاته.


(١) في (ب): لحكم عقله.