مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الرابع: في البلوى باشتمال القرآن على المحكم والمتشابه]

صفحة 168 - الجزء 1

  ومن الأخبار المروية عن النبي ÷ [قوله⁣(⁣١)]: «إنما يؤتى الناس يوم القيامة من إحدى ثلاث: إما من شبهة في الدين ارتكبوها، أو شهوة للذة آثروها، أو عصبية لحمية أعملوها».

  وقوله: «إني أخاف على أمتي أعمالاً ثلاثة: زلة عالم، وحكم جائر، وهوى متبعاً».

  ومن كلام أمير المؤمنين # المحكي عنه في كتاب نهج البلاغة قوله: (إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها⁣(⁣٢) رجال رجالاً على غير دين الله؛ فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يَخْفَ على المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضِغْثٌ، ومن هذا ضِغْث، فيمتزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى)⁣(⁣٣).

[الفصل الرابع: في البلوى باشتمال القرآن على المحكم والمتشابه]

  وأما الفصل الرابع: وهو في البلوى باشتمال القرآن على المحكم والمتشابه

  فلأن الله سبحانه لو جعله ضرباً واحداً جلياً علمه، مستمراً حكمه - لم يظهر به الفرق بين المؤمن بلسانه وقلبه والمؤمن بلسانه دون قلبه، ولو لم يظهر لم يتميز بعد النبي ÷ عدو أئمة الهدى من وليهم، وإنما جعله الله سبحانه مشتملاً على المحكم والمتشابه، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ، وأشباه ذلك مما لأجل البلوى به ظهر شر كل مؤمن بلسانه متبع لهوى نفسه، وأمكنه لأجله أن يعارض محكم الكتاب والسنة بزخرف التأويلات، ومبدع الروايات المستحيلات؛ فلذلك تبين رفضه للأئمة الهادين، وظهر الفرق بينه وبين المخلصين للدين، وعظمت به البلوى على المسترشدين والمقلدين.


(١) زيادة من نخ (ب).

(٢) في (ب): فيها.

(٣) نهج البلاغة الجزء الأول خطبة رقم (٥١).