مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثاني: في ذكر ما يدل على صحة مذهب العترة وبطلان ماعداه]

صفحة 178 - الجزء 1

  وقوله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ... الآية}⁣[القصص: ٦٨]، وقوله: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٢}⁣[الدخان]، ونحو ذلك من الآيات المتضمنة للنص الصريح على أن الله سبحانه هو الذي يختار ويصطفي ويجتبي لتبليغ رسالاته⁣(⁣١)، وإرث كتبه، وتمليك الأمر والنهي في بريته من يشاء من عباده، وأنه لا خيرة في ذلك لغيره، وكل من اختاره الله سبحانه فقد نص عليه وبينه في كتابه وعلى لسان نبيه ÷، إما معيناً باسمه وصفته، وإما مجملاً بصفته دون اسمه.

  وقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٥٤ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ٥٦}⁣[المائدة].

  ودلالة هذه الآيات فيما تضمنته من نص الله سبحانه على ولي المؤمنين، الذي قرن ولايته لهم بولايته وولاية رسوله، ليدل بذلك على وجوب طاعته، وإخباره سبحانه في الآية الأولى بأنه يأتي به، وإتيانه به هو نصه عليه بالصفات التي لم توجد في أحد من الصحابة على أبلغ الوجوه إلا في أمير المؤمنين #، وهي المحبة لله ولرسوله.

  ودليل صحة المحبة: استمرار الطاعة والنصيحة، والجهاد في سبيل الله حق الجهاد، والرأفة بالمؤمنين، والغلظة على الكافرين، وترك خوف اللائمين، والتصدق في حال الركوع.

  وأورد سبحانه هذه الصفات بلفظ الجمع امتحاناً، مع كون ذلك جائزاً في لغة العرب للتعظيم، [و⁣(⁣٢)] مع التخصيص بالقرينة التي لم توجد ولا تعلم⁣(⁣٣) إلا


(١) في (ب): رسالته.

(٢) زيادة من نخ (أ).

(٣) نخ (ب): التي لم تعلم ولم توجد إلا لأمير المؤمنين.