مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثاني: في ذكر ما يدل على صحة مذهب العترة وبطلان ماعداه]

صفحة 179 - الجزء 1

  لأمير المؤمنين #، وهو التصدق في حال الركوع، ولأن ذلك لو كان عاماً لالتبس ولم يفهم، والله سبحانه لحكمته وعدله لا يخاطب بما لا يفهم ولا يعلم في موضع الأمر والإيجاب، ولأن العرف جار في كل عصر بأن ولي أمر المؤمنين لا يكون إلا واحداً معيناً معلوماً، ولأن النبي ÷ قد بين ذلك بما سيأتي ذكره إن شاء الله سبحانه من الأخبار الموافقة له.

  وقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة]، ودلالة هذه الآية فيما تضمنته من الأمر للمؤمنين بالكون مع الصادقين، والأمر يقتضي الوجوب، والله سبحانه لحكمته لا يأمر بالكون مع من لا يعلم صدقه قطعاً.

  ولا يعلم صدقه قطعاً إلا من شهد الله له به، ومن شهد الله له بالصدق علي # في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} يعني حمزة⁣(⁣١) بن عبد المطلب وجعفر⁣(⁣٢) بن أبي طالب وعبيدة⁣(⁣٣) بن الحارث ¤، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}⁣[الأحزاب: ٢٣]، يعني علياً # لأنه بقي منتظراً للشهادة إلى سنة أربعين من الهجرة.

  والطريق إلى معرفة صحة ذلك إجماع العترة $، وهو حجة على ما سيأتي


(١) حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، ويكنى أبا عمارة وأبا يعلى، عم الرسول ÷ وأخوه من الرضاعة، بلغ من الشجاعة مبلغاً عظيماً، وانتقم لرسول الله ÷ من كثير من أعداءه حتى سماه رسول الله ÷ أسد الله وأسد رسوله. أسلم ¥ بمكة، وشهد مع رسول الله بدراً وأحداً وقتل بها بعد أن قاتل قتال الأبطال وفرق صفوف أعداء الله وقتل منهم إحدى وثلاثين، وقتله وحشي بتحريض من هند عليها لعنة الله، فبقرت بطنه وأخرجت كبده فأكلتها فلم تسغها. وكان استشهاده ¥ في النصف من شوال سنة (٣ هـ)، وكان عمره سبعاً وخمسين سنة، وصلى عليه الرسول ÷ وكبر عليه سبعين تكبيرة.

(٢) جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم: ويكنى أبا عبدالله وأبا المساكين، ابن عم رسول الله ÷، ولد بعد عقيل بعشر سنين، وأمه فاطمة بنت أسد. أسلم ¥ بمكة وهاجر إلى الحبشة واجتمع بالنجاشي ملك الحبشة وقرأ عليه سورة مريم فأسلم على يديه، ورجع إلى المدينة المنورة يوم فتح خيبر فسر النبي ÷ وفرح فرحاً شديداً حتى قال: «ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر أو قدوم جعفر»، وبعثه النبي ÷ مع جيش إلى مؤتة وكان صاحب اللواء أخذه بيمينه فقطعت ثم أخذه بشماله فقطعت، ثم احتضنه ¥ حتى سقط شهيداً إلى رحمة الله، ويدعى بذي الجناحين التي يطير بهما في الجنة حيث شاء.

(٣) عبيدة بن الحارث: