مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثاني: في ذكر ما يدل على صحة مذهب العترة وبطلان ماعداه]

صفحة 180 - الجزء 1

  من بيان ذلك إن شاء الله سبحانه⁣(⁣١).

  وقوله سبحانه: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}⁣[الشورى: ٢٣]، وفائدة هذه الآية فيما تضمنته من إيجاب المودة لذوي قربى الرسول ÷ في مقابلة بعض ما يستحقه من الأجر على ما تحمل من المشاق في القيام بهدايتهم، وإصلاح أمورهم، وهو سبحانه لحكمته لا يوجب المودة على القطع إلا لمن تجب له؛ لأنه سبحانه قد ذم الموادة لمن يحاده.

  وصدق المودة لا يُعلم إلا بالطاعة والاتباع، لا بالرفض والاعتزال، وقد بين سبحانه ذلك بقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ... الآية}⁣[آل عمران: ٣١].

  وقال النبي ÷: «المرء مع من أحب».

  وقوله سبحانه في آية المباهلة: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ... الآية}⁣[آل عمران: ٦١]، ودلالتها ظاهرة بنص الكتاب الجلي، وبفعل النبي ÷ على أعيان من شهد المباهلة - على كون علي والحسن والحسين وفاطمة $ ذوي قربى النبي ÷ خاصة، وآله وأهل بيته، وأن ذريتهم ذريته إلى يوم القيامة.

  وقوله سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ... الآية}⁣[فاطر: ٣٢]، ودلالتها فيما تضمنته من النص على اصطفاء بعض من العباد لإرث الكتاب، وعلى أن من أولئك الورثة من هو سابق بالخيرات بإذنه، والسابق بالخيرات لا يكون إلا الإمام، والإمام لا يجوز أن يكون مجهولاً؛ فلذلك تبطل تأويلات من خالف العترة في دعوى وراثتهم للكتاب.

  ومما يؤيد ذلك قول الله سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}⁣[الحديد]، ومحمد ÷


(١) نخ (ب): على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في بيان ذلك.