[ذكر أدلة العقل المستنبطة من أدلة الكتاب والسنة الدالة على صحة مذهب العترة]
  فمنها: أنه قد ثبت في العقل أن شكر المنعم واجب، وثبت بالدليل أن الله سبحانه منعم يجب شكره، ومن شكره طاعته فيما أوجب من عبادته، وكيفية عبادته لا تعلم إلا بمعرف من جهته؛ فلذلك علم وجوب(١) بعثة الرسل إلى المكلفين.
  ولا فرق بين حاجتهم إلى الرسول وحاجتهم إلى من يقوم مقامه بعد وفاته؛ فلذلك يعلم على الجملة وجوب نصب الأئمة في كل عصر يحتاج فيه إليهم، وقد ثبت أنه لا اختيار للمكلفين في الرسل؛ فكذلك فيمن يقوم مقامهم.
  ومنها: أنه قد ثبت بالدليل أن الله سبحانه عالم بما كان وبما سيكون، وأنه حكيم لا يجوز عليه الظلم، ولا العبث، وقد علم سبحانه ما سيكون من اختلاف الأمة بعد وفاة نبيهم(٢) ÷، وعلم أن اختلافهم مؤد إلى هلاكهم، وأنه لا نجاة لهم إلا بمن يجمع كلمتهم، ويلم شعثهم؛ فلو لم يدلهم سبحانه على من يتمسكون به في دينهم، ويعرفهم بمن تكون على يديه نجاتهم - لكان مهملاً لهم، والإهمال قبيح لا يجوز إضافته إلى الله سبحانه.
  ومنها: أنه قد ثبت أمر الله سبحانه للمؤمنين بطاعة أولي الأمر منهم أمراً مجملاً، فلو لم يبينهُ لهم، ويعرفهم بمن تجب عليهم طاعته - لكان مخاطباً لهم بما لا يفهم، ومكلفاً لهم طاعة من لا يعرف، ومغرياً لهم بطاعة من نهى عن اتباعه من الكبراء والسادات الذين يوهمون أنهم أولو الأمر، وذلك مما لا يجوز نسبته إلى الله سبحانه.
  ومنها: أن الإمامة فضيلة تخص الأئمة، ونعمة تعم المأمومين، [وتمليك(٣)]، وذلك مما لا يجوز إضافته إلا إلى الله سبحانه؛ لأنه الذي بيده الملك، وهو الذي يؤتي الملك من يشاء، لا أهل العقد والاختيار.
(١) في حاشية (أ): علم من جهة الحكمة والعقل. تمت.
(٢) في (ب): النبي.
(٣) زيادة من نخ (ب).