[فائدة الاستدلال بإجماع المعتزلة مع العترة على القول بإمامة علي #، والمشهور من مذهبه #]
  لآثاره في الدين قولاً وعملاً واعتقاداً؛ إذ لا يجوز لمن يعتقد صحة إمامته ترك الائتمام به إلا على وجه الرفض والمعصية، ولا يصح الجمع بين الإقرار بصحة إمامته ومخالفته إلا على وجه التدليس والنفاق.
  ومن مشهور مذهبه الذي لا يمكنهم كتمه ولا جحده إلا على وجه المكابرة توبيخه # للمشائخ وأتباعهم على ما أقدموا عليه من ظلمه، وعلى مخالفتهم لما أوجب الله له عليهم من المودة والطاعة، وعلى نكثهم للعهد(١)، ورجوعهم على الأعقاب، ولذلك هجرهم، وامتنع من نصرتهم ومعاونتهم، ومن البيعة لهم، إلا ما ذُكِرَ(٢) من إكراههم له على البيعة لأبي بكر بعد جمعهم لحزم الحطب على داره ليحرقوها بمن فيها إن لم يخرج، وعزمهم بعد خروجه على قتله إن لم يبايع؛ فلذلك لم يفرق بينهم وبين معاوية(٣) في الحسد [له(٤)] والبغي عليه، بل جعلهم له أولاً، وجعله لهم آخراً، وذلك ظاهر في قوله # المحكي عنه في [كتاب(٥)] نهج البلاغة:
  (أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة(٦)، لولا حضور الحاضر، وقيام(٧) الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يُقَارُّوا على كِظَّةِ ظالم، ولا
(١) نخ (ب): العهد.
(٢) نخ (أ): ذكره.
(٣) معاوية بن أبي سفيان بن حرب الأموي، الطليق بن الطليق، استسلم في فتح مكة، أظهر الإسلام وأبطن الكفر، ولاه عمر بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان بلاد الشام ثم ولاه عثمان أيام ولايته، دس في الإسلام معضلات عظيمة، وابتدع بدعاً كثيرة، قال فيه النبي ÷: «إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه»، وقال فيه: «يطلع عليكم رجل يموت على غير ملتي» فطلع معاوية. وأجمع أهل البيت $ على كفره، ولا اختلاف بين المعتزلة في فسقه وبغيه. إمام الفئة الباغية الداعية إلى النار بنص النبي المختار، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الأطهار، كان يبيع الخمر والأصنام في الهند. قَتَل الحسن بن علي @ وجماعة وافرة من شيعة أمير المؤمنين، ولو عددنا مثالبه لاحتاجت إلى مؤلفات. هلك سنة (٦٠ هـ) بعد أن ولى السكير ابنه يزيد عليه وعلى أبيه وجده لعنة الله.
(٤) زيادة من نخ (أ).
(٥) زيادة من نخ (أ).
(٦) النسمة: كل ذي روح من البشر خاصة. والكظة - بكسر الكاف - ما يعتري الإنسان من الثقل والكرب عند الامتلاء من الطعام. والسغب: الجوع. شرح نهج. والغارب: مقدم السنام. نهاية
(٧) في (ب): ووجوب.