[الفصل السادس: في ذكر جملة مما يجب أن يحمل عليه ما اختلف من الأقوال المنسوبة إلى الأئمة $]
  كان من الآيات والأخبار له في اللغة أكثر من معنى، وإما أن يكون فيما الحق فيه واحد، نحو الواجبات العقلية، والفرائض السمعية.
  فإن كان من السير والحوادث التي يختلف النظر فيها لاختلاف الأحوال، أو كان مما له أكثر من معنى - فنسبة الاختلاف فيه إلى الأئمة على الإطلاق من غير تبيين يكون تمويهاً وتشنيعاً، وموهمة للمساواة بين أئمة الهدى وعلماء السوء وأئمة الضلال المفرقين لأديانهم، والمختلفين في مذاهبهم، وذلك مما ينفر المسترشدين من الأمة عن الاتباع لعلوم الأئمة.
  وإن كان ذلك الاختلاف فيما الحق فيه واحد فنسبته إلى الأئمة على الإطلاق مع إمكان تأويله(١) يكون قبيحاً على ما تقدم.
  ومن الوجوه التي يمكن(٢) حمله عليها: تجويز أن يكون الإمام الذي نسب إليه ذلك قَصَدَ الحكاية لمذهب غيره، فظن(٣) السامع أنه حكاه عن نفسه، أو يكون في القول المخالف إجمال أو مجاز لم يعرف السامع له معناه، وحمله على ما توهم، أو يكون مما ألجأت الضرورة إلى تظهيره وترك بيانه، كما قال القاسم بن إبراهيم #:
  كم من غريبة علم لو أبوح بها ... لقيل إنك ممن يعبد الوثنا
  ولاستحل أناس ناسكون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
  أو يكون بعض شيعة الإمام الأول جعلوا بعض شدائده أو رخصه فرائض، وردها الإمام الثاني إلى الأصل، أو يكون ذلك القول المخالف وقع من الإمام على وجه السهو والغلط، والمرور على الأثر من غير نظر، أو يكون مما ألجأت الضرورة إلى ترخيص فيه لسائل مخصوص، أو يكون مكذوباً على الإمام، أو محرفاً بتبديل أو
(١) في (أ): تأوله.
(٢) في (ب): يكون.
(٣) في (ب): وظن.