[الفصل السادس: في ذكر جملة مما يجب أن يحمل عليه ما اختلف من الأقوال المنسوبة إلى الأئمة $]
  وكذلك روي لنا في خطب جرى من عبدالله(١) بن الحسن إلى جعفر(٢) بن محمد $ وهما بالروحاء يريدان الحج؛ فقال جعفر بن محمد: (والله وحق هذه البنية التي أنا قاصد لها إني لمكذوب علي، وما المذهب إلا واحد).
  ففضلاء آل محمد متفقون، ولم يزل الأشياع مختلفين متداغلين.
  وقوله في كتاب التنبيه: (والقاسم # العالم، وبه يقتدي العالم، ثم ولده من بعده يقتفون أثره، ويعلمون أمره، وما أعلم منهم من بعد القاسم إلى هذه الغاية مختلفين، ولا فيما بَعُد من الأرض وقرب إلا مؤتلفين، إلا أن يكون ذو جهل نظنه ولا نعرفه بعينه، فلعله أن يكون لقلة معرفته يتابع المخالفين، تعرضاً لدنيء ما ينال، وطمعاً لما يأكل من سحت الأموال، ولعله مع ذلك موافق لأهل بيته في باطن أمره).
  وقوله في كتاب الاستفهام: (وقد اتخذ كثير من الشيعة آراء الأئمة فرائض(٣) لازمة، يكفرون من تركها، ويجهلون منهم من لم يعمل بها، وليس ذلك بواجب كما ذكرت لك؛ فاعلم ذلك).
  وقال(٤) ابنه الحسين # في كتاب مختصر الأحكام: (ولست أصدق بكل
(١) عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، إمام جمع الفضائل كلها، وأبو الأئمة الأفاضل. كان عالماً فاضلاً زاهداً ورعاً عابداً لله ø حق العبادة، حتى أنه روي أنه صلى الفجر بوضوء العشاء ستين سنة، ربى الأجيال الصالحة فله ستة أولاد كلهم أئمة دعوا إلى الله وجاهدوا أعداء الله. حبسه أبو جعفر المنصور الدوانيقي في محبس الهاشمية الذي كان لا يُعرف فيه الليل من النار، وتوفي # في ذلك السجن مظلوماً سنة (١٤٥ هـ).
(٢) جعفر بن محمد، هو جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب $، أبو عبدالله، أحد الأئمة الأعلام، وهداة الأنام، وحجج الله على العباد، وخير الخلق والخليقة. ولد # سنة ثمانين من الهجرة، وأمه أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، كان من علماء أهل البيت في عصره، والمرجوع إليه في دهره، وكان من المبايعين للإمام زيد بن علي # والمعترفين بإمامته والشاهدين بفضله. توفي # سنة ثمان وأربعين ومائة، وهو ابن ثمان وستين سنة، ودفن في البقيع في قبر أبيه الباقر وجده علي بن الحسين وعم أبيه الحسن بن علي، وجدته فاطمة الزهراء $.
(٣) في (ب): فريضة.
(٤) نخ (ب): وقول.