[أدلة الأئمة على حجية إجماع العترة]
  بذلك على عصمة جماعتهم، وعدالة أئمتهم، وكل من أوجب الله ذلك له فقوله حجة، وقبوله واجب.
  وأما قياسهم لذلك على شهادة الجار لنفسه فهو قياس من لا يعرف شروط القياس؛ لأن الإجماع دليل يحصل به العلم، والشهادة يحصل بها(١) الظن، ولأن القياس لا يكون إلا لما لا دليل عليه، والإجماع مدلول عليه، ولأن من شرط ما يقاس أن يكون مشاركاً لما يقاس عليه في علة الحكم المطلوب، ولأن إجماع العترة على دعوى الإمامة لا تجر لهم في الدنيا إلا المضار التي تزيل التهم عنهم؛ لكون ذلك تكليفاً شاقاً، فبان بذلك أن الإجماع والشهادة لم يشتركا في شيء من أوصافهما، وكل أمرين لم يشتركا في وصف فقياس أحدهما على الثاني باطل.
[أدلة الأئمة على حجية إجماع العترة]
  وقد تكلم في ذلك: السيد أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني، والسيد أبو عبدالله الحسين(٢) بن إسماعيل الجرجاني، والإمام المنصور بالله - على جميعهم السلام - بما يكثر أن يحكى لفظاً ومعنى.
  فمن معاني أدلة السيد أبي طالب #: نفي الله سبحانه للرجس عن العترة في آية التطهير، وهو رجس المعاصي؛ فدل بذلك(٣) على أنهم لا يجمعون إلا على حق يجب قبوله.
(١) نخ (ب): به.
(٢) السيد أبو عبدالله الموفق بالله الجرجاني، الحسين بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم صلوات الله وسلامه -. وكان هذا الإمام من أصحاب المؤيد بالله، قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #: بلغ في علم الأدب من النحو واللغة ما لم يبلغه أحد من أهل عصره، وفي الشعر مقدم، وفي الخطب في أعلى رتبة، وفي الكتابة والرسائل في أعلى درجة، ثم هو في علم الكلام وأصول الدين في النهاية، وله في أصول الفقه البسطة الواسعة، وكان # أعلم بفقه الحنفية والشافعية والمالكية من فقهائهم المحققين، ولا ينازعونه في ذلك، ومصنفاته شاهدة بذلك وهي موجودة مشهورة - انتهى من الشافي ١/ ٣٣٧ -. توفي بعد العشرين وأربعمائة تقريباً، وله كتاب الاعتبار وسلوة العارفين، وكتاب الإحاطة في علم الكلام، وكتاب الإجماع.
(٣) في (ب): فدل ذلك.