مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثامن: في ذكر جملة مما يعتذر به من جمع بين التشيع والاعتزال]

صفحة 228 - الجزء 1

  اتباعهم⁣(⁣١) لغير⁣(⁣٢) ما في الكتاب والسنة، وفي كتب الأئمة - أولى من مدحهم لأجل إتيانهم بما لا يعقل، وبما يعلم كونه محالاً على ما يأتي بيانه إن شاء الله سبحانه.

  وليس أحد من العلماء المخالفين إلا وفي كتبهم من البدع ما لا يوجد للأئمة مثله؛ فلا معنى لتخصيص المعتزلة بما خالفوا به الأئمة لأجل تسميتهم له علماً.

  وأما إيهامهم أنهم لم يتبعوهم في⁣(⁣٣) ذلك إلا من طريق النظر والاستدلال، لا من طريق التقليد - فخلاف ذلك ظاهر؛ لأنهم إن زعموا أنهم نظروا واستدلوا على صحة علوم المعتزلة قبل تعلمهم فيها فذلك محال؛ إذ لا طريق لهم إلى ذلك إلا إخبار الغير لهم عنه.

  وإن زعموا أنهم نظروا في صحتها واستدلوا بعد تعلمهم فيها فقد قلدوا من علمهم في بدء أمرهم، وفي حال اتباعهم له حتى أدخلهم في مذهبه.

  وأما إيهامهم أنهم لو اكتفوا بعلوم الأئمة للزمهم التقليد والتفريط فغلاطهم في ذلك بين؛ لأن الأئمة $ لا يعلمون من اتبعهم إلا في معقولٍ بينةٍ أدلتُه، أو مسموع منصوص عليه، أو فيما يجب رده إليهم كما يجب رده إلى الرسول؛ لأن الله سبحانه قد أخبر أنهم لو ردوه إليهم لعلموه، وذلك يعم كل مختلف فيه: معقولاً كان أو مسموعاً؛ لأن الله سبحانه أدخل حرف «من» الذي هو للتبعيض على اسم «شيء» الذي هو أعم النكرات في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}⁣[الشورى: ١٠]، فوجب أن يستغرق؛ لكونه عموماً لا مخصص له، وحكم الله سبحانه في كل مختلف فيه أن يرد إلى الكتاب، أو السنة إن عدم في الكتاب، أو إلى أولي الأمر إن عدم في السنة على ما تقدم ذكره.


(١) في (د): في إتيانهم.

(٢) في (ب): لغير الكتاب والسنة.

(٣) في (ب): لم يتبعوهم إلا.