[الفصل الأول: الكلام في الذات]
[الموضع الثالث: الكلام في الصانع تعالى، وما يستحق من الصفات لذاته أو لفعله]
  وأما الموضع الثالث: وهو الكلام في الصانع تعالى وما يستحق من الصفات لذاته أو لفعله؛ فهو ينقسم على أربعة فصول: الأول: في الذات، والثاني: في صفات الذات، والثالث: في الإرادة، والرابع: في الإدراك.
[الفصل الأول: الكلام في الذات]
  أما الأول: فمذهب العترة أن قول القائل: ذات الباري عبارة تفيد الإخبار عنه سبحانه على الجملة، من غير توهم مشاركة ولا مجانسة بينه سبحانه وبين غيره، ومعنى ذلك عندهم كمعنى قوله سبحانه: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران: ٢٨]، وقوله سبحانه: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥]، أي: فثم الله، بمعنى أنه لا يخفى عليه شيء من أمرهم؛ فذاته سبحانه هي هو، وكذلك نفسه ووجهه، وهو سبحانه ليس بجنس فيوصف بأنه(١) مشارك لغيره.
  ومذهب بعض المعتزلة أن لفظ «ذات» اسم جنس، يشترك فيه ذات الباري سبحانه وذوات الجواهر(٢) وذوات الأعراض، ولا يقع الفرق بينها إلا بأمور زائدة، ويحتجون على ذلك بما يجمعها من الحد المنطقي الذي زعموا أنه مركب من جنس وفصل، وأنه يجمع ويمنع، وينعكس ويطرد(٣)، وهو قولهم: حقيقة الذات: هو ما يصح العلم به والخبر عنه بانفراده، واحترزوا بذكر الانفراد عن الصفات التي زعموا أن الذوات تعلم عليها ولا تعلم بانفرادها(٤).
  والذي يدل على صحة مذهب العترة وبطلان مذهب المعتزلة أمور:
(١) نخ (ب): أنه.
(٢) في (ب): وذات الجوهر.
(٣) نخ (ب): ويطرد وينعكس.
(٤) في (ب): على انفرادها.