[الموضع الثالث: الكلام في الصانع تعالى، وما يستحق من الصفات لذاته أو لفعله]
  إلا ويمكن أن تحد(١) بحد مركب من جنس وفصل، وذلك بين لمن تأمله.
  ومنها: مخالفتهم بذلك(٢) للموحدين في معنى التوحيد، ولأهل علم المنطق في شروط التحديد، أما مخالفتهم في معنى التوحيد فلأجل وصفهم لله سبحانه بالمشاركة والجنس والفصل الذي يدل على النوع.
  وأما مخالفتهم في شروط التحديد فلأن من شرط الحد المركب من جنس وفصل عند الفلاسفة أن يكون المحدود به جنساً يتنوع، وذات الباري سبحانه هي هو، وهو سبحانه واحد ليس بجنس ولا نوع.
  ومنها: أنه لا بد لكل ذات عندهم من صفة ذاتية أو صفات يستحيل خلوها عنها، وذلك ناقض لقولهم في حد الذات: إنه يصح العلم بها على انفرادها؛ لأن من أبين المناقضة أن توصف الذات بأنه يصح العلم بها بانفرادها(٣) عما يستحيل خلوها عنه.
  ومنها: أن لفظ ذات لو كان اسم جنس لما جاز أن يقال: إن الله سبحانه ذاتاً لا كالذوات، وإنه سبحانه شيء لا كالأشياء؛ كما لم يجز أن يقال كذلك في شيء من أسماء الأجناس؛ مثاله: تناقض قول من يقول: محدث لا كالمحدثات، وجسم لا كالأجسام.
  ومما يؤيد هذه الجملة من أقوال الأئمة:
  قول أمير المؤمنين # [في خطبته المذكورة(٤)] في كتاب نهج البلاغة وفي الدرة اليتيمة: (ليس لذاته تكييف، ولا لصفاته تجنيس، احتجب عن العقل كما احتجب عن الأبصار).
(١) نخ (ب): تحدد.
(٢) في (ب): في ذلك.
(٣) في (ب): على انفرادها.
(٤) زيادة من نخ (أ).