[الفصل الرابع: الكلام في الإدراك]
  الحواس لم يجز إضافته إلى الله سبحانه.
  الثاني: أن الإدراك المتجدد لا يعقل إلا إذا كان بعد أن لم يكن، وكل متجدد كان بعد أن لم يكن فإنه يجب أن يحتاج إلى مجدد جدده؛ لاستحالة أن يكون جدد نفسه، وأن يكون تجدد لا عن مجدد، كما يستحيل في كل محدث بإجماعهم أن يحدث نفسه، وأن يحدث لا عن محدث، ولا فرق بين التجدد والحدوث في المعنى إلا باصطلاحهم الخارج عن حد العقل(١).
  الثالث: أن الله سبحانه لو كان مدركاً بإدراك متجدد لم يخل: إما أن يدرك به الذوات دون الصفات، أو الصفات دون الذوات، أو الذوات والصفات معاً.
  فإن(٢) زعموا أنه يدرك الذوات فالذوات عندهم ثابتة فيما لم يزل.
  وإن زعموا أنه يدرك الصفات التي هي الوجود وتوابعه فالوجود عندهم لا يعلم بانفراده، فضلاً عن أن يدرك.
  وإن زعموا أنه يدرك الذوات والصفات معاً فالصفات عندهم ليست شيء ولا لا شيء؛ فكيف يصح لهم وصفها بأنها مدركة مع الذوات؟
  الرابع: أنه لو جاز أن يؤدي النظر إلى إثبات إدراك لله سبحانه متجدد يدرك به المسموعات والمبصرات - لم يمتنع أن يؤدي ذلك النظر إلى إثبات إدراك له سبحانه يدرك به المشتهيات والملموسات؛ لعدم المخصص لإدراك دون إدراك، ومدرَك دون مدرَك، وكل ذلك مستحيل لا تجوز إضافته إلى الله سبحانه.
  ومما يشهد بصحة هذه الجملة من أقوال الأئمة:
  قول أمير المؤمنين # فيما تقدم ذكره من خطبته: (عينه المشاهدة لخلقة، ومشاهدته لخلقه ألّا امتناع منه، سمعه الإتقان لبريته).
  وقول علي بن الحسين # في توحيده: (سميع لا بآلة، بصير لا بأداة).
(١) في (ب): العقلاء.
(٢) نخ (ب): إن.