مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثاني والثالث: الكلام في ذكر تعلق العالم بالمعلوم والقدرة بالمقدور]

صفحة 273 - الجزء 1

  ومذهب بعض المعتزلة: أن كل شيء معلوم لله سبحانه فيما لم يزل فإنه يجب أن يكون ثابتاً فيما لم يزل؛ لأجل كونه سبحانه عالماً به فيما لم يزل، ولذلك لم يمكنهم أن يفرقوا بين ذات الباري سبحانه وبين سائر الذوات في الوصف بالثبوت فيما لم يزل، ولا في أنه يصح العلم بكل واحدة منها على انفرادها؛ لأنه قد انتضمها وجمعها الحد المنطقي بزعمهم.

  قالوا: وكل مقدور له سبحانه فإنه يجب ثبوته فيما لم يزل؛ لأجل كونه قادراً فيما لم يزل، ويجب أن تكون مقدوراته سبحانه لا نهاية لها⁣(⁣١)؛ لأجل كونه بزعمهم قادراً لذاته أو لما هو عليه في ذاته، على حسب اختلافهم في الموجب لكونه قادراً.

  والذي يدل على صحة مذهب العترة في ذلك وبطلان مذهب من خالفهم [فيه⁣(⁣٢)] من المعتزلة وغيرهم: هو كون ذوات العالم بإجماعهم هي العالم، والعالم محدث، والحدث نقيض الأزل؛ فيجب أن يستحيل الجمع بين وصف ذوات العالم بأنها محدثةٌ وثابتةٌ فيما لم يزل، وكذلك فإنه يستحيل بإجماعهم وجود ذوات العالم فيما لم يزل؛ فيجب⁣(⁣٣) أن يستحيل ثبوتها فيما لم يزل؛ لعدم الفرق المعقول بين الثبوت والوجود، ولأن الله سبحانه قد أخبر في محكم كتابه بأنه الأول، وثبت بأدلة العقل أنه سبحانه ثابت فيما لم يزل، وأنه لا أول لثبوته؛ فلو كانت⁣(⁣٤) ذوات العالم كما زعموا ثابتة فيما لم يزل لم يكن ما لا أول لثبوته أولى بالأولية مما لثبوته أول؛ ولأن القول بذلك يؤدي إلى إبطال أدلة العقل والسمع، وإبطال معنى التوحيد؛ لأنه سبحانه قد أخبر أنه لا يحاط به علماً.


(١) نخ (ب): له.

(٢) زيادة من نخ (أ).

(٣) في (ب): فوجب.

(٤) نخ (ب): كان.