مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الخامس: الكلام في الجوهر]

صفحة 281 - الجزء 1

  وكذلك قولهم: الجوهر يشغل الحيز وليس بجسم؛ لأن كل شيء يشغل الجهة فقد أحاطت الجهة بجوانبه، وما كانت له جوانب فهو جسم.

  وكذلك قولهم: ليس للجوهر إلا حد واحد، وهو يشغل الحيز؛ لأن ما يشغل الحيز فله جوانب، وإلا لم يعقل كونه شاغلاً، والذي ليس له إلا جانب واحد يكون مجاوراً، ولا يصح⁣(⁣١) كونه شاغلاً.

  وكذلك قولهم: «الجواهر تأتلف طولاً» ينقض قولهم: «ليس للجوهر إلا حد واحد»؛ لأن ائتلاف الجواهر طولاً لا يعقل إلا إذا كان بعضها متوسطاً، وتوسط الجوهر لا يعقل إلا إذا كان بين جوهرين، وكونه بينهما لا يعقل إلا إذا كان محاداً لهما بحدين، ولأنه إذا لم يكن للجوهر إلا حد واحد فإنه لا يصح أن يأتلف أكثر من جوهرين؛ إذ لا سبيل لجوهر ثالثٍ إلى مشاركتهما في حديهما، ولا إلى أن يحادهما بغير ما قد تحادا به.

  ومما يؤيد هذه الجملة من أقوال الأئمة مع ما تقدم:

  قول الحسين بن القاسم # في كتاب مهج الحكمة: (قد أنزل الله سبحانه وتبارك اسمه كتاباً، وأرسل رسولاً، وركب عقولاً، ولم يعلم رسول الله ÷ أحداً من أمته جسماً ولا عرضاً ولا جوهراً، ولا جزءاً لا يتجزأ، وإني لأعلم من ذلك ما لم تعلموا، وأفهم من خللهم ما لم تفهموا، من ذلك قولهم: إن ثم جزء لا يتجزأ، وإنه واحد [في نفسه⁣(⁣٢)] بزعمهم، وهذا والحمد لله أفسد الفساد، وأقبحه عند من يعقل من العباد، ألا ترى أن هذا الجزء الذي هو عندهم واحد بنفسه لا يخلو: إما أن يكون لابثاً ساكناً، أو متحركاً سائراً.

  فإن كان لابثاً فهو شيآن، ولبثه متعلق به، وهو ثانيه. وإن كان متحركاً فحركته متعلقة به وفيه. وإذا كان لا يوجد إلا على أحد الحالين: الحركة


(١) في (ب): ولا يكون شاغلاً.

(٢) زيادة من نخ (أ).