[الفصل السادس: الكلام في كيفية فناء ذوات العالم]
  والسكون فله فوق وتحت، وتحت الشيء أبداً غير فوقه، وفوقه غير تحته؛ فهذان جزءان جسميان.
  وأيضاً فله يمين وشمال؛ فقد صار أربعة أجزاء، لا شك في ذلك ولا امتراء. وإذا(١) كان له يمين وشمال فله خلف وأمام؛ فقد صار ستة أجزاء، لا شك في ذلك ولا امتراء، وحصل بأبين البيان جسماً؛ فكيف يكون الستة جزءاً واحداً؟ وفي تناقض قولهم - والحمد لله - أكثر مما ذكرنا، ولم يأت محمد ÷ بشيء من هذه الترهات.
[الفصل السادس: الكلام في كيفية فناء ذوات العالم]
  وأما الفصل السادس وهو الكلام في كيفية فناء ذوات العالم - فمذهب العترة: أن الله سبحانه قادر على أن يفني من ذوات العالم ما شاء، ويبقي ما شاء، باختياره.
  والفناء عندهم على ثلاثة أضرب:
  فالضرب الأول: فناء الأوقات وسائر الأعراض، وفناؤها هو عدمها، والعدم ليس بشيء فيتوهم أو يعبر عنه بغير ما يرجع إلى النفي والبطلان.
  والضرب الثاني: فناء الحيوانات البشرية، وهو التفريق بين أرواحها وأجسادها بالموت.
  والضرب الثالث: فناء الجمادات النامية والجامدة، وهو التفريق بين مجموعها بالبلاء أو بالإحراق ونحوه.
  ومذهب من يقول بالجوهر من المعتزلة: أنه لا يصح فناء بعض الجواهر دون بعض؛ بل يجب - بزعمهم - إذا أراد الله سبحانه إفناءها أن يوجد عرضاً لا في محل مضاداً لها، فيفنيها دفعة [واحدة(٢)]، ثم يفنى بعدها.
  والذي يدل على صحة مذهب العترة وبطلان مذهب المعتزلة: هو كون مذهب المعتزلة في ذلك متضمناً لمحالات ظاهرة:
(١) نخ (ب): وإن.
(٢) زيادة من نخ (أ).