مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الرابع: في ذكر مغالط المعتزلة فيما أثبتوه للباري سبحانه من الصفات بطريقة القياس]

صفحة 291 - الجزء 1

  محكمة؛ فوجب بزعمهم أن يكون كونه عالماً أمراً زائداً على كونه قادراً كما ثبت [مثله⁣(⁣١)] في الشاهد.

  وموضع الغلاط من هذا القياس في مشاركتهم بين القادر لا بقدرة والقادر بقدرة، وبين الحقيقة والمجاز، وبين من له كيفية ومن لا كيفية له، وكل مشاركة فيما هذه حاله فهي مشاركة في اللفظ دون المعنى⁣(⁣٢)؛ وكل مشاركة في اللفظ دون المعنى لا تكون إلا فيما ليس باسم جنس، وما لم يكن من أسماء الأجناس فإلحاقه بأسماء الأجناس في مقدمات القياس مغلطة بينة البطلان.

  وكذلك قولهم في مسألة حي، وفي مسألة سميع بصير.

  وطريق النجاة من مغالط هذا الفصل في معرفة لبسهم للاستدلال على كون الباري قادراً وعالماً وحياً باستدلالهم على أن كونه قادراً وعالماً وحياً أمور زائدة، وفي تقديم معرفة الدليل على أن الله سبحانه لا يعرف بالقياس، ولا يوصف بصفات الأجناس، وعلى أن كل اسم جَمَعَ بين الله وغيره فليس باسم جنس؛ لقول الله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، وليس شيء سوى الله سبحانه يجوز وصفه بأنه شيء لا كالأشياء.

  وقد تكلم في هذه الصفة بعينها القاسم بن إبراهيم # في كتاب الدليل الكبير، وبين الفرق بينها وبين سائر أوصاف المخلوقين بما يدل على بطلان المشاركة بينه سبحانه وبينهم، فقال: (وهذا الباب من خلافه سبحانه لأجزاء الأشياء كلها، فيما يدرك من فروع الأشياء جميعاً وأصلها - فما لا يوجد أبداً إلا بين الأشياء وبينه، ولا يوصف بها أبداً غيره سبحانه، وهي الصفة التي لا يشاركه فيها سبحانه مشارك، ولا يملكها عليه تعالى مالك، ولا يعم الأشياء اختلاف عمومه، ولا تصحح الألباب أبداً إلا لله معلومة؛ لأنه وإن وقع بين


(١) زيادة من نخ (أ).

(٢) نخ (ب): لا في المعنى.