مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل السادس: في ذكر مغالط المعتزلة في القسم التي أوهموا أنها حاصرة]

صفحة 296 - الجزء 1

  معدوماً إذا كان لا يوجد في أكثر المواضع، وإن كان موجوداً في بعضها، وكذلك في تسميتهم للمعدوم شيئاً، بمعنى أنه سيكون شيئاً. وعلى ذلك حمل الأئمة $ قول الله سبحانه: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ١}⁣[الحج]، وإلحاق المجاز في القسم الحاصرة بالحقيقة مغلطة؛ لأنها موضوعة للحقيقة دون المجاز بإجماع كل عاقل عالم.

  وطريق النجاة من هذه المغلطة فيما تقدم ذكره من الأدلة على أنه لا شيء فيم لم يزل إلا الله وحده لا شريك له، وفي ذلك دليل على أن العالم قبل وجوده ليس بشيء، وإذا لم يكن شيئاً فهو لا شيء؛ لعدم الواسطة بين النفي والإثبات، وإذا كان لا شيء فإدخاله في قسمة الشيء تدليس ظاهر؛ مع ما يلزم في ذلك من التناقض؛ لأنه إذا كان لا شيء لم يكن بين قول من يقول: الشيء لا يخلو من أن يكون موجوداً أو معدوماً فرق وبين من يقول⁣(⁣١): الشيء لا يخلو من أن يكون شيئاً أو لا شيء، وذلك باطل، وفي بطلانه دليل على صحة قسمة أئمة العترة في ذلك، وهو ما تقدم ذكره في قول القاسم بن إبراهيم #: الأشياء ليست إلا قديماً أو حادثاً، لا يتوهم متوهم فيها وجهاً ثالثاً.

  ومنها: استدلالهم على إثباتهم للصفة الأخص بقولهم: قد ثبت كون الباري سبحانه مفارقاً للذوات بعد مشاركته لها في الذاتية، والمفارقة بعد المشاركة تدل على أنه لا بد من أمر لأجله وقعت المفارقة، وذلك الأمر لا يخلو: إما أن يكون هو الذات أو غيرها، ثم أبطلوا أن يكون هو الذات⁣(⁣٢)؛ لعدم الفرق بينه وبين غيره - بزعمهم - في الذاتية، وأبطلوا أن يكون هو غيرها؛ لكون الغير لا يخلو: من أن يكون فاعلاً أو علة، قالوا: فلم يبق إلا أن يكون ذلك الأمر الذي أدى إليه الدليل هو أمر زائد على الذات، لا هو هي ولا غيرها.


(١) قول القائل (خ).

(٢) في (ب): الذوات.