مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل السادس: في ذكر مغالط المعتزلة في القسم التي أوهموا أنها حاصرة]

صفحة 297 - الجزء 1

  وموضع الغلاط من هذه القسمة في جعلهم للمشاركة بين الباري سبحانه وبين غيره في الذاتية أصلاً سابقاً للمفارقة.

  وقد تقدم من بيان بطلان القول بالمشاركة، والتعريف بما ينجي من⁣(⁣١) الاغترار بزخرف أقوالهم فيها - ما يغني عن إعادته في هذا الموضع.

  ومنها: استدلالهم على أن الباري سبحانه مريد بإرادة بقولهم: قد ثبت كون الباري سبحانه مريداً؛ فلا يخلو: إما أن يكون مريداً لذاته أو لغيره، ثم أبطلوا أن يكون مريداً لذاته، وأوجبوا أن يكون مريداً لغيره، وأن يكون ذلك الغير عرضاً موجوداً لا في محل.

  وقد تقدم من حكاية مذهبهم في الإرادة وبيان بطلانه ما يُعْرَفُ به⁣(⁣٢) موضعُ غلاطهم فيه، وطريقُ النجاة من استغلاطهم به، ويدل على أن⁣(⁣٣) القسمة الصحيحة في ذلك هو⁣(⁣٤) ما ذهب إليه أئمة العترة $ من أن الله سبحانه لا يخلو: إما أن يكون مريداً بإرادة تحل أو لا تحل، وذلك محال، وإما أن يكون الله سبحانه مريداً لا بإرادة، كما أنه تعالى عالم لا بعلم، وفاعل لا بآلة، وهو الصحيح.

  ومما ينبه من⁣(⁣٥) طريق التمثيل على معرفة مواضع غلاط المعتزلة في القِسَمِ هو أن يقال: قد ثبت كون الباري سبحانه سامعاً ومبصراً كما ثبت كونه مريداً؛ فلا يخلو: إما أن يكون سامعاً ومبصراً لذاته؛ أو لغيره، وباطل أن يكون لذاته لما في ذلك من إيجاب قدم المسموع والمبصر، فلم يبق إلا أن يكون لغيره، ثم يجعل ذلك الغير الذي أدى إليه الدليل بزعم المعتزلة إما عرضاً موجوداً لا في محل،


(١) نخ (ب): عن.

(٢) نخ (ب): أنه.

(٣) في (ب): ويدل على أن تكون القسمة ... إلخ.

(٤) من (ب).

(٥) في (ب): على.