مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل السابع: في ذكر مغالط المعتزلة في فرقهم بين فوائد الصفات وترتيبهم لها]

صفحة 299 - الجزء 1

[الفصل السابع: في ذكر مغالط المعتزلة في فرقهم بين فوائد الصفات وترتيبهم لها]

  وأما الفصل السابع: وهو في ذكر فرقهم بين فوائد الصفات وترتيبهم لها - فمغالطهم في ذلك مأخوذة من ظواهر الألفاظ، ومبنية على إثبات ما لا يعقل، ومتولدة عن التفكر فيما لا كيفية له ولا مثل، وجملتها أربع:

  الأولى: استغلاطهم لمن لا معرفة له بحقيقة التوحيد وبما يجوز التفكر فيه وما لا يجوز بإيهامهم له أن الناظر في إثبات الصانع تعالى يحصل له العلم أولاً بذاته، ثم بأمر زائد على ذاته، وهو كونه قادراً - ومنهم من قال: كونه موجوداً - ثم بأمر زائد على ذلك، وهو كونه عالماً، وكذلك كونه حياً وما بعده على الترتيب.

  الثانية: استغلاطهم بأن الذي يدل على إثبات الصانع لا يدل على كونه قادراً، وكذلك الذي يدل على كونه قادراً لا يدل على كونه عالماً، وكذلك ما بعده؛ ليوهموا بذلك أن اختلاف الأدلة تدل على أن لكل دليل مدلولاً زائداً على ما قبله.

  الثالثة: استغلاطهم لمن لا يعقل المزية التي زعموا أنها لا شيء ولا لا شيء بالسؤال له: هل أفاد بقوله: «قادر» ما أفاد بقوله: «عالم» أم غيره؟ فإن أجاب بأن معناهما واحد جَهَّلوه، وألزموه في ذلك ضروباً من التشنيع، وإن أجاب بأن كل وصف يفيد غير ما أفاده الوصف الذي قبله وبعده، أو سكت ولم يجب - ألزموه بأنه قد علم المزية وإن لم يعقلها.

  الرابعة: استغلاطهم لمن أجمع معهم على إطلاق القول بأن لله سبحانه صفات ذاتية بإلزامهم له أنه قد أجمع معهم على ما ادعوه من إثبات أمور زائدة على ذات الباري سبحانه ثابتة فيما لم يزل.

  وكل ذلك شبهة باطلة على ما تقدم، ومما ينبه على بطلانها مع ذلك أن يقال: لو كان لله سبحانه صفات زائدة على ذاته كسائر صفات العالم لما كان لوصفه سبحانه بالوحدانية معنى معقول؛ لأن وصف الذات بالأمور الزائدة يدل على التغاير، والتغاير