المنتزع الثاني منتزع من أقوال الأئمة $ في ذكر بعض ما اختلف فيه أهل الكلام من الأقوال في الذوات والصفات والأحكام
  وبين من زعم أنه عالم بعلم هو هو وهو غيره فرق.
  فإن زعم أن القائل إذا قال: هو هو، ثم قال: هو غيره - فقد ناقض، قلنا: وكذلك إذا قال: ليس هو هو ثم قال: وليس هو غيره - فقد ناقض).
  وقال: (فإن قال: إنكم قد قلتم صفات ذات وصفات فعل؛ فإذا قلتم: «صفات ذات» فقد أثبتم صفات ما، وإذا قلتم: «إنا لا نرجع في ذلك إلى غير الذات» فقد ناقضتم.
  قلنا: ليس الأمر كذلك؛ لأنا حين قلنا: «صفات الذات» فإنما أردنا نعلمك بذلك أنا لا نثبت بها غيره، ولم نرد به أن الصفات هي ذاته، وأن الصفات أشياء ليست غيره).
  وقال في كتاب التجريد: (وقولنا: «ذاته» إشارة منا إليه نفسه، وليس إشارتنا هو هو ولا غيره، وإنما أسماؤه التي تسمى بها لنا، وصفاته التي وصف بها نفسه لنا - دلائل عليه؛ ليستدل بها القاصدون؛ ليباشر بها قلوبهم اليقين البت، وتستشعر أنفسهم الحق المثبت).
  وقال: (صفاته دلائل عليه، يدرك علمهن، ولا يدرك الموصوف بهن؛ لأنه جل وعلا بَعُدَ من(١) المُدْرِك، وجل عن الدَّرَكِ، فهو كما قال عز من قائل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}[الأنعام: ١٠٣]، وقال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}[طه]، فالله ﷻ عز عن أن يحويه قول أو يناله يُعرَفُ بما جَعَلَ من الدلائل عليه، ولا يُوْصِلُ شيءٌ من الحواس إليه، فليس ما نطقت به الألسن من صفاته هو هو، [ولا ما سمعت الآذان من صفاته هو هو، ولا ما كتبت الأيدي من صفاته هو هو](٢)، بل هو سبحانه الموصوف لا الصفات، والمعروف بما تَعَرَّفَ به إلى خلقه من الآيات).
(١) في (ب): عن.
(٢) زيادة من نخ (أ، ج).