المنتزع الثاني منتزع من أقوال الأئمة $ في ذكر بعض ما اختلف فيه أهل الكلام من الأقوال في الذوات والصفات والأحكام
  وقال: (صفاته كلها محدث علمها لنا، وسابقة في علمه قبل كوننا، وقد فطرنا جل وعلا على فطرة لم يعرها من الصفات، ثم قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، (فكان كما قال جل وعلا)(١)).
  وقال: (إن سأل سائل عن الموجود القديم(٢)، أموجود لنفسه أم لغيره، أم لنفسه ولغيره، أم لا لنفسه ولا لغيره؟
  فإنا نقول: إن كان سؤالك عن الله سبحانه فإنا نقول: إنه موجود لا بإدراك كما وصف نفسه فقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}[النساء]، فقال: لوجدوا.
  وأما قوله: موجود لنفسه ولغيره ... إلى آخر قوله - فليس هذه الصفة من صفات الله سبحانه التي وصف بها نفسه، ولا من صفات الخير التي وصفه بها أولياؤه؛ لأن الموجود لنفسه ولغيره له موجد لم يزل، والله سبحانه يعز عن هذه الصفة ويجل، وإنما يوصف بما وصف به نفسه؛ لأنه الموجد لكل موجود، لا أن وجوده كوجود الموجودات لأنفسها ولغيرها، تبارك الله عن ذلك وعلا علواً كبيراً).
  وقال: (والله فعظيم الشأن، قوي السلطان، لم يزل مدركاً للأشياء قبل تكوينها، ولا فرق بين دركه لها بعد تكوينها وبين دركه لها قبل تكوينها).
  وقال: (فإن قال: فما معنى قول الله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ٤٦}[طه]، فقد تجده يصف نفسه بالسمع والبصر؟
  فإنا نقول: إن الرائي من الخلق هو المدرك لما أبصر، وكذلك السامع فهو المدرك لما سمع، فَلِدَرَكِ السامع لما سمع وُصِفَ بالسمع المخروق، ولِدَرَكِ المبصِرِ ما أبصر(٣) وُصِفَ بالعين ذات الجَفْنِ المشقوق. فأما الله سبحانه فيُدْرِكُ المسموعات والمبصرات لا بآلة من الآلات، لكن دَرَكُ قدرة بها وصف نفسه، ولا هي هو ولا غيره من المجسمات من خلقه، لكنها من كلماته المخلوقات).
(١) نخ (ج): وهو كما قال جل وعلا.
(٢) نخ (ج): والقديم.
(٣) نخ (ب): بالبصر.