مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

المسائل الباحثة عن معاني الأقوال الحادثة

صفحة 373 - الجزء 1

  سبحانه عالماً هو وجود العالم محكماً؛ فكيف يصح أو يجوز أن يقال: إن الله سبحانه لا يعلم فيما لم يزل إلا مجرد الذوات دون الإيجاد والإحكام؟ مع ما في القول بذلك من لزوم إبطال الدليل والمدلول عليه؛ لأجل وقوف العلم بكونه سبحانه عالماً [على كونه عالماً بالإحكام قبل حصول علمه بالإحكام⁣(⁣١)] على حصول الإحكام بعد الإيجاد، وكون الإيجاد غير معلوم له سبحانه فيما لم يزل.

  مسألة: إذا كان لكل ذاتٍ صفة أو صفات يستحيل خلوها عنها فيما لم يزل وفيما لا يزال عند من يقول بأزلية كل ذات، فكيف يصح أن يقال في حقيقة الذوات: إنه يصح العلم بها على انفرادها، وهل يعقل انفرادها عما يستحيل خلوها عنه، مع كون ذلك متناقضاً؟

  مسألة: كيف يصح الجمع بين القول بأن الجوهر ليس له إلا جهة واحدة؛ لأجل كونه جزءاً لا يتجزأ، والقول بجواز ائتلاف الجواهر طولاً، مع حصول العلم ضرورة بأن ائتلاف ثلاثة جواهر طولاً لا يصح ولا يعقل إلا إذا كان أحدها متوسطاً، وأن توسطه لا يصح ولا يعقل إلا إذا كان بين جوهرين، ومحاداً لهما بحدين؟

  مسألة: ما الفرق بين قول من قال: «صفات الله أشياء غير ذاته»، وقول من قال: «صفاته أمور زائدة على ذاته؟» مع أنه ما من دليل يدل على بطلان كونها أشياء غير ذاته إلا ويصح أن يدل على بطلان كونها أموراً زائدة على ذاته، ومع عدم الفرق بين تسميتها أموراً وتسميتها أشياء، ومع عدم الفرق بين جعلها زائدة وجعلها غيراً؛ ولذلك يجوز أن يقال: كل أمر شيء، وكل زائد على شيء فهو غير له.

  مسألة: إذا كان يعلم ضرورة أنه لا يجوز نفي النفي والإثبات معاً، ولا إثباتهما معاً، ولا دخول متوسط بينهما، وكان كل معلوم ضرورة أصلاً يدل على صحة ما يوافقه من النظر، وفساد ما يخالفه منه، فكيف يصح مع ذلك أن يؤدي


(١) ما بين المعكوفين (نخ)