مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]

صفحة 378 - الجزء 1

  

[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]

  قال ¥: وأما الفصل السابع وهو الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة وما يتصل بها من سائر بدع المطرفية - فهي أدلة العقل وموافقها من محكم الكتاب، وموافق ذلك من السنة، وكذلك أقوال الأئمة $، والإجماع، وتظاهر هذه الحجج واتفاقها على الشهادة بإثبات صانع واحد ونفي ما عداه من كل ما يعبده من دونه جميع المشركين.

  أما أدلة العقل: فمنها: أنه قد ثبت عند جميع المسلمين أن جميع الفروع أجسام متضمنة لأعراض ضرورية، وأن جميعها محدث، وأن كل محدث لا بد له من محدث، وأن محدث الأجسام والأعراض الضرورية هو الله سبحانه لا شريك له ولا ظهير؛ لاستحالة جواز العجز عليه سبحانه، ولاستحالة وجود إلهين قديمين، ولاستحالة أن تُحدِثَ الأجسامُ أنفُسَها في حالة عدمها أو في حالة وجودها، ولاستحالة أن يحدثها مثلها، ولاستحالة حصولها هملاً لا محدث لها ولم يُظْهِرِ الخلافَ في ذلك إلا الملحدون والمشركون على اختلاف مذاهبهم.

  فأما المطرفية فإنهم يظهرون الإقرار بالإسلام، فلا يخلو إقرارهم بذلك: إما أن يكون صدقاً أو كذباً، فإن كان صدقاً بطل قولهم بأن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع، وإن كان كذباً تبين كفرهم، وكان الجواب كالجواب على أشباههم.

  ومنها: أن جميع الفروع لا تخلو من أن تكون حيواناً أو جماداً، أو رزقاً أو مرزوقاً، أو نفعاً أو منتفعاً، أو مسخراً أو مسخراً له، وكل ذلك يدل على خالق حكيم قاصد لذلك مقدر عليم؛ لاستحالة أن يكون إحكام من غير محكم، وإنعام من غير منعمٍ قاصدٍ لذلك، غير جاهل ولا ساهٍ ولا مُلْجَأ، ولأنه لا خلاف في وجود النعم والمنعم عليهم، وفي كون شكر المنعم واجباً، فلا تخلو المطرفية: أما أن يقروا بذلك إقراراً صحيحاً؛ فيبطل قولهم بأن الله سبحانه لم يقصد خلق الفروع، أو يجحدوه؛ فيتبين خروجهم من دائرة الإسلام.