مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]

صفحة 379 - الجزء 1

  ومنها: أن المطرفية يقولون بأن الله سبحانه خلق الأصول بالقصد لكونها مخلوقة لا من شيء. وليس ذلك بأعجب في الصنعة ولا أبلغ في الحكمة من خلق النار من الشجر الأخضر، ولا إخراج الحي من الميت، ولا خلق الشيء الكثير من الشيء القليل، ولا من إمساك السماء أن تقع على الأرض، وكذلك إمساك الأرض من الانحدار، وكذلك إمساك الماء والطير في الهواء، ونحو ذلك مما لا يحصى عدداً لكثرته.

  ولأن الذي يدل على كون الله سبحانه قاصداً لخلق الأصول لا يخلو من أن يكون كونها أجساماً أو أعراضاً، وكونها محدثة، أو كونها محكمة، ونحو ذلك مما يدل على صانع مختار، فكل ذلك موجود في الفروع.

  فأما كونها مخلوقة لا من شيء فلا فرق بينه وبين خلق الشيء من الشيء في كون كل ذلك مخلوقاً دالاً على خالق، بل خلق الشيء من الشيء أظهر بياناً وأقرب دلالة إلى الإنسان؛ لكون ذلك مشاهداً ومعايناً، ولذلك تمدح به الله سبحانه، ونبه خلقه على النظر فيه والاستدلال به عليه، فقال سبحانه: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ٥}⁣[الطارق]، وقال سبحانه: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ٢٤}⁣[عبس]، ونحو ذلك.

  ومنها: أن الغذاء إذا صار في المعدة ثم حدث لأجله نمو في الجسد، وزيادة في القوة ودرك الحواس الظاهرة والباطنة، وحصل النفع الذي يدل على كون صانعه حكيماً منعماً، مع تقسيم منافع ذلك الغذاء في جميع الجسد أسفله وأعلاه على حسب المصلحة، وكذلك حدوث النبات بعد اجتماع الماء والطين والحب، وفلق الحب، وإظهار فروعه وثمره، ونموه وحصاده، وما فيه من المنافع]⁣(⁣١) ........... [هنا بياض في جميع النسخ الموجودة] ...


(١) زيادة من نخ (ج).