مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[بيان الحامل على الجواب]

صفحة 441 - الجزء 1

  من أئمة الزيدية، ولم يخرقا الإجماع، وكيف يعتد بإجماع ليسا من أهله؟

  وإنما الذي أجمع عليه المحققون من الزيدية هو أنه إذا اجتمع جماعة من آل محمد ÷ في وقت واحد ومكان واحد، وكلهم يصلح للقيام بالأمر - لم يقم به إلا واحد منهم. ولم يكن كذلك قيام الناصر والهادي @ فينتقض ما أجمعوا عليه.

  ولبعض الأئمة كلام في هذه المسألة لم يعرفه السائل المتعنت، ولا بحث عنه، وجملته: أنه لا فرق بين الأنبياء والأئمة في جواز الاجتماع في وقت واحد إذا كان الغرض بذلك المعاونة والمؤازرة، فأما ما يعترض به على ذلك - وهو ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما» - فإن صح الخبر لم يجز حمله على ظاهره؛ لما فيه من تجويز قتل علي # لما بويع له بعد بيعة أبي بكر، وتجويز كون أبي بكر خليفة؛ لسبقه بالبيعة، وتجويز حكم عمر بقتل أحد الستة الذين جعل الإمامة شورى بينهم، وتجويز قتل الناصر # وإبطال إمامته، وكل هذه التجويزات غير صحيحة.

  والرابعة: قوله: من مذهب الزيدية - أعزهم الله تعالى - أن الإمام يجب أن يكون من أحد البطنين بعد علي # ما حجتهم على ذلك؟

  فإن قلت: إجماعهم وعينت به العترة فهي شهادة الجار لنفسه، ونفس المذهب لا يثبت بنفس الدعوى، فإما أن تقيم دليلاً أو تطلبه من الشيعة.

  الجواب: أما قوله: ما الحجة على أن الإمام يجب أن يكون من أحد البطنين؟ فللزيدية المحققين على ذلك خمسة أدلة، وهي: العقل، والكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وإجماع العترة.

  أما العقل: فمن قِبَل أن الله سبحانه حكيم وعالم بما سيكون من اختلاف الأمة فيما تعبدهم به من العلم والعمل، وعالم أن الحق فيما الحق فيه واحد لا يكون إلا مع بعضهم، وأن معرفته لا تحصل للمتعبدين إلا بمعرّف معلوم؛ بالنص على عينه أو صفته، وإلا كان التكليف بمعرفة الحق تكليفاً لما لا يعلم.