[ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس]
[ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس]
  أما ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس فجملة المشهور منها ستة أقوال:
  الأول: قول أئمة العترة ومن قال مثل قولهم، وهو: أنهما من جملة الأعراض التي خلقها الله سبحانه، وجعل محلهما القلب، وأن مثل حلول العقل فيه كمثل حلول البصر في العين، ولذلك قال الله سبحانه: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا(١)}[الأعراف: ١٧٩]، وقال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}[الحج].
  وقال النبي ÷: «اللسان معرفة القلب»، وقال: «المرء مخبوء تحت لسانه»، ومثل حلول النفس فيه كمثل حلول حرارة النار في النار، ولذلك قيل: إنها تقوى بالوسواس كما تقوى النار بالحطب.
  واعلم أن وجه الحكمة في خلق العقل هو كونه نعمة من أتم النعم، وحجة من أبلغ الحجج، وكونه هادياً إلى طريق النجاة.
  ووجه الحكمة في خلق النفس: هو ما فطرت عليه من محبة ما لا بد من إصلاحه من أمور الدنيا.
  ووجه الحكمة في مقارنة النفس للعقل: هو ما أراد الله سبحانه في ذلك من الاختبار والامتحان.
  والقول الثاني: قول الفلاسفة: إن العقل الأول من العقول العشرة التي زعموا أنها قبل الزمان والمكان هو أول منفعل انفعل من العلة الأزلية التي وصفوها بأنها علة العلل، وأنها واحدة لا كثرة فيها، وأنه لا يصدر عنها إلا معلول واحد، وأن صور جميع الأشياء كامنة فيها قبل ظهورها، وموجودة فيها بالقوة قبل وجودها بالانفعال.
(١) نخ (أ، ب): لهم قلوب لا يعقلون بها.