مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[ذكر جملة مما يعرف به الفرق بين العقل والنفس]

صفحة 77 - الجزء 1

  واعلم أنه⁣(⁣١) ما مَثَلُها في البلوى بتقديم وجودها، واستحواذها على القلب، واستخدامها للحواس في حال مغيب العقل المؤمر عليها وعلى جميع الحواس إلا كمِثْلِ⁣(⁣٢) من يملكه⁣(⁣٣) الله سبحانه من ملوك أهل الدنيا بالتمكين والتخلية والإمهال، حتى يتصرف في العباد والبلاد في حال مغيب من يبعثه الله سبحانه بعد ذلك من رسله إليه أو من يقوم مقامهم؛ ليزجره عن غيه، ويمنعه من بغيه.

  والثالث: اختلاف صفاتهما، وذلك لأن من صفات العقل كونه هادياً إلى الرشاد، ومميزاً بين الصدق والكذب في الأقوال، والحق والباطل في الاعتقادات، والخير والشر في عواقب الأعمال، وداعياً إلى التخلق بمحمود الأخلاق، نحو: [العلم و⁣(⁣٤)] الحلم والكرم والصبر وما أشبه ذلك.

  ومن صفات النفس كونها كما قال الله سبحانه: أمارة بالسوء، وموسوسة، ومسولة، وداعية إلى مذموم الأخلاق، نحو الجزع والهلع والشح والطيش وما أشبه ذلك.

  والرابع: اختلافهما في النظر والاستدلال، وذلك لأن نظر العقل هو التفكر في الصنع من حيث هو حكمة ونعمة، والتدبر لما حكى الله سبحانه في كتابه من الآيات الدالة عليه، والقياس لما لم يعرف وجه الحكمة⁣(⁣٥) فيه على ما عرف. ونظر النفس تظنن، وتوهم، وتتبع لمواضع الشبه والمتشابه، وقياس ما عرف وجه الحكمة فيه على ما لم يعرف من الحيوانات المؤذية والضارة وما أشبه ذلك مما يدلس به أهل الزندقة على المتعلمين.


(١) نخ (ب): أن.

(٢) في (ب): مثل.

(٣) في (ب): يملك.

(٤) زيادة من نخ (ب).

(٥) نخ (أ): الحكم.