[ذكر جملة مما يدل على بطلان القول بالهيولى والصورة]
  فزعموا أن الهيولى هو الحديد، وأن الصورة(١) هي هيئة ما يعمل من الحديد كانت كامنة فيه قبل ظهورها.
  قالوا: وكذلك صورة الحديد كانت كامنة في المعدن، وكذلك هيولى المعدن حتى ينتهوا إلى علة العلل التي زعموا أن صور جميع الأشياء الحادثة كانت كامنة فيها، وموجودة فيها بالقوة، قالوا: وكذلك القول في جميع صور الحيوانات والنباتات.
  وأما ذكر غرضهم الذي قصدوه: فهو جعلهم لذلك مقدمة للقياس، وشبكة يصيدون بها الأغمار، كغيرها من المقدمات التي يستحوذون بها على عقل المتعلم، حتى لا يخطر بباله شك في صحتها، وفي أن نظره فيها واستدلاله بها يدله على صحة القول بالعلل المؤثرة، وبطلان القول بالصانع المختار عقلاً بزعمه لا تقليداً، ولم يشعر بكونه مقلداً في قبوله لتلك المقدمة من غير نظر في صحتها. وصحة ما تؤدي إليه من المحالات الخارجة عن حد العقل.
[ذكر جملة مما يدل على بطلان القول بالهيولى والصورة]
  وأما الذكر لجملة مما يدل على بطلان القول بذلك: فمما يدل عليه هو كونه دعوى مبتدعة لفظاً ومعنى بغير دليل، ومع ذلك فإن الصورة لا تعقل كونها صورة إلا إذا كانت فعلاً لمصور، كما أن الصور التي تعمل من الحديد لا يصح كونها صوراً إلا بمصور صورها، وكذلك كل صورة معمولة في الشاهد لا بد لها من فاعل مختار؛ فكذلك يجب أن يكون لكل صورة من صور العالم فاعل مختار.
  ولأن كل عاقل غير مكابر لعقله يعلم ضرورة أنه يستحيل كمون جملة الإنسان بما فيه من أنواع الأجسام المختلفة والأعراض المتضادة، وبما فيه من حياة وقدرة وسمع وبصر ونحو ذلك - في نطفة قليلة ضعيفة ميتة.
(١) نخ (أ) زيادة: التي هي.