مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في الفرق بين صفات القديم والمحدث]

صفحة 84 - الجزء 1

  وكذلك يعلم أيضاً من طريق الاستدلال العقلي أن كل ما في الإنسان من الصنع العجيب يدل على أن له صانعاً حياً قادراً عالماً، هذا مع ما ورد به نص الكتاب من الآيات الدالة لكل عاقل على صحة ما دل عليه العقل، نحو قول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ٦ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ٧ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ٨}⁣[الانفطار]، وقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}⁣[آل عمران: ٦]، وما أشبه ذلك مما هو على الحقيقة علم إلاهي، وبراهين واضحة، خلافاً لما ادعته الفلاسفة من المحال، وزخرفته من الأقوال.

[الكلام في الفرق بين صفات القديم والمحدث]

  وأما الكلام في الفرق بين صفات القديم والمحدث: فالقديم الأزلي هو نقيض المحدث في اللفظ والمعنى، ولا واسطة بينهما، ولا مماثلة، ولا مشاركة.

  فأما عموم بعض الأسماء والأوصاف فليس في ذلك حجة لمن زعم من المشبهة أن الباري سبحانه مماثل للأشياء لأجل كونه شيئاً، ولا لمن زعم من المعتزلة أنه مشارك لها في ذلك.

  والذي يدل على بطلان استغلاطهم للمتعلمين بذلك هو أن جميع الأسماء والأوصاف التي تعم الخالق والمخلوق يجب أن يقيد مطلقها ويخص عمومها بما يجب نفيه عن الخالق وإثباته للمخلوق، نحو أن يقال في الخالق سبحانه: شيء لا كالأشياء، وموجود لا بعد عدم، وواحد لا بمعنى العدد، وحي لا بحياة⁣(⁣١)، وما أشبه ذلك مما يقع به التمييز والفرق بين القديم والمحدث في اللفظ والمعنى حقيقة لا مجازاً.


(١) ويقال في المخلوق شيء كالأشياء، وموجود بعد عدم، وواحد بمعنى عدد، وحي بحياة، وغير ذلك من الصفات.