[الكلام في الفرق بين الحقائق الصحيحة والباطلة]
  بذكرها معرفة ما سأل عنه، نحو أن يقال مثلاً: ما هو الجسم؟ فيجاب بأنه: ما يصح أن يُرى، أو ما يشغل الجهة عن غيره، أو ما تحويه الجهات الست، أو ما يحله العرض، أو ما له طول وعرض وعمق.
  والثانية: اصطلاحية مبتدعة(١) خاصة مختلف في صحتها؛ لأجل كونها مما يقع فيها وبها الغلط والاستغلاط، وكيفيتها: أن يوصف الاسم الذي هو جنس متنوع بوصفين: أحدهما عام له ولغيره من أجناسه المشاركة له في ذلك الوصف العام. والثاني خاص له دون غيره ليكون فاصلاً له عن غيره بعد الاشتراك، قالوا: ومما يدل على صحة هذا الحد هو كونه من جنس وفصل، ويجمع ويمنع، ويطرد وينعكس، ومثال ذلك: تحديدهم للخمر بأنه كل شراب مسكر، فالوصف الجامع للجنس هو قولهم: شراب؛ لأن جميع أنواع المشروبات مشتركة فيه، والوصف الخاص الذي يفصله من سائر المشروبات هو قولهم: مسكر، وعكس هذه الحقيقة هو أن يقال: وكل شراب مسكر فهو خمر. فتأمل طول هذا الشرح الذي ادعت الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المعتزلة أنه يدل على صحة الحد، وأن صحة الحد تدل على صحة المحدود، وهذا تدليس ظاهر لمن تأمله؛ لأنه ما من بدعة مستحيلة إلا ويمكن أن يصح لها حد جامع لهذه الشروط.
  مثاله: النور الذي يعبده المجوس؛ فإنه(٢) يمكنهم أن يقولوا: هو كل إله يفعل الخير، فقولهم «إله» وصف جامع له وللظلْمة، وقولهم: «يفعل الخير» وصف خاص يفصله منها. وعكسه أن يقال: وكل إله يفعل الخير فهو نور. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
(١) في (أ): مبدعة.
(٢) نخ (أ): فإنهم.