[الكلام في معنى أن الله سبحانه شيء، وذكر الاختلاف فيه]
[الكلام في معنى أن الله سبحانه شيء، وذكر الاختلاف فيه]
  وأما على التفصيل: فالمشبهة تزعم أن الباري سبحانه مماثل للأشياء المحدثة؛ لأجل كونه شيئاً، والمعتزلة تزعم أنه سبحانه مشارك لها في الشيئية، ومخالف لها بصفة زائدة خاصة.
  وأئمة العترة $ يقولون: إن الله سبحانه شيء لا كالأشياء، وما كان بخلاف الأشياء كلها لم يجز وصفه بأنه مماثل لها ولا مشارك، ولا يجوز أن تكون المشاركة في لفظ الاسم موجبة للمماثلة ولا للمشاركة، إلا إذا كان كلا المشتركين فيه متماثلين في ضرب من ضروب الكيفيات. والكيفية لا تكون إلا للمحدَث، ومن هنا نعلم أن كل اسم يشترك فيه الخالق والمخلوق عام، وليس باسم جنس؛ لاستحالة وصف الباري سبحانه بالجنس والنوع.
  ومما استدلوا به على أن الباري سبحانه شيء من العقل: هو أنه قد ثبت أنه سبحانه محدِث للعالم، وأنه لا واسطة بين شيء ولا شيء، وإذا لم يكن محدث العالم لا شيء وجب أن يكون شيئاً.
  ومن السمع: قوله سبحانه: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}[الأنعام: ١٩]، وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]، فدل باستثنائه لنفسه من جملة الأشياء على أنه سبحانه شيء.
  وكذلك قوله: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}[الطور: ٣٥].
  واستدلوا على أنه لا كالأشياء بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، وبما سيأتي ذكره من أدلة العقل.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه موجود، وذكر الاختلاف فيه]
  وأما الموجود فزعم بعض المعتزلة أن وجود الباري سبحانه أمر زائد على ذاته ليس بشيء ولا لا شيء، قالوا: وكذلك وجود المحدَث ولم يفرقوا بينه سبحانه وبين المحدَث إلا بأن لوجود المحدَث أولاً؛ فأما كونه بزعمهم ذاتاً ثابتة(١) أو ذواتاً فيما لم يزل فلا فرق.
(١) لا توجد في نخ.