[الكلام في معنى أن الله سبحانه سميع بصير، وذكر الاختلاف فيه]
  ولذلك قال أمير المؤمنين #: (من وصفه فقد حده [ومن حده فقد عده(١)])، وقال: (ومن وصفه فقد شبهه، ومن لم يصفه فقد نفاه، ووصفه أنه سميع ولا صفة لسمعه [سبحانه(٢)])، وقال: (ليس بعلة ولا معلول)، وما أشبه ذلك مما أوجب به إثبات الوصف ونفي الصفة.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه سميع بصير، وذكر الاختلاف فيه]
  وأما كونه سبحانه سميعاً بصيراً:
  فللمشبهة المجسمة في ذلك مذهب منسوب إلى التفريط في النظر بالعقل الصحيح، وهو وصفهم للباري سبحانه بصفة المخلوق في الإدراك وغيره.
  وللمعتزلة فيه مذهب منسوب إلى الإفراط والتعدي لحد العقل، وهو وصفهم له سبحانه بأنه مُدْرِكٌ للمسموع والمبصر بدرك متجدد زائد على كونه عالماً، قالوا: وهو أمر ليس بشيء ولا لا شيء.
  ولأئمة العترة $ فيه مذهب متوسط، وهو قولهم: إنه سبحانه مُدْرِكٌ لكل مُدْرَكٍ دَرَكَ عِلْمٍ، لا يعزب عنه منها شيء فيما لم يزل وفيما لا يزال، ولا يجوز توهمه ولا قياسه ولا التفكر فيه، ولا فرق عندهم بين المتجدد والمحدث في كون كل واحد منهما كائن بعد العدم، وفي الحاجة إلى مكون كونهما، ولا فرق بين التكوين والإيجاد والإحداث والتجديد في المعنى.
  ومن أوضح الأدلة على كون تحديد المعتزلة محالاً وصفهم له بأنه لا شيء ولا لا شيء، مع أنه لو جاز لهم تجويز ذلك في المسموع والمبصر لجاز تجويز تجدد سائر الإدراكات التي لا يجوز إضافتها إلى الله سبحانه نحو [إدراك(٣)] لذة المشتهيات - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -.
(١) زيادة من نخ (ب).
(٢) زيادة من نخ (ب).
(٣) ما بين القوسين ساقط في (ب).