مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الكلام في بعث ما عدا الآدميين من الحيوانات]

صفحة 126 - الجزء 1

[الكلام في بعث ما عدا الآدميين من الحيوانات]

  والمسألة الثانية: بعث ما عدا الآدميين من الحيوانات، وذلك لأن من المختلفين⁣(⁣١) من زعم أنها لا تبعث، ومنهم من زعم أنها تبعث ثم يقال لها: كوني تراباً، ومنهم من قال: إنها تبعث وتعوض على ما نالها من المحن في الدنيا، وإنها باقية أبداً؛ إذ لا فرق بينها وبين الآدميين في كونها مخلوقة بالقصد، ولذلك قال الله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}⁣[النور: ٤٥]، وقال: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}⁣[البقرة: ١٦٤]، فكما أنه لا فرق بين جميع الدواب في ذلك في الدنيا فكذلك لا فرق بينها في البعث في الآخرة.

  وكذلك قال الله سبحانه: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ٣٨}⁣[الأنعام].

  وكذلك فإن العقل يقضي بأن إحياءها بعد الموت أولى في الحكمة من تركها ميتة، وأن تعويضها بالنعيم الدائم أولى من إماتتها بعد الحشر.

[تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، ومعنى الصراط]

  والمسألة الثالثة: تأويل قول الله سبحانه: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}⁣[مريم: ٧١]، وتأويل الصراط، وذلك لأن من المفسرين من زعم أن الضمير في «واردها» المراد به جهنم، وأن جميع الناس يمرون في صراط فوقها؛ فمنهم من تزل قدمه، ومنهم من يسلم.

  وأنكر ذلك بعضهم، وقال: [إن⁣(⁣٢)] الضمير في واردها راجع إلى الموضع الذي ذكره الله سبحانه بقوله: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ٦٨}⁣[مريم].


(١) في (ج): المخالفين.

(٢) زيادة من نخ (ب).