مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[ذكر أقوال الأئمة (ع) في ذم من يقول في الدين بالرأي]

صفحة 223 - الجزء 1

  إلى حكم ذوي عدل في تقويم جزاء ما يستهلك من الصيد المُحَرَّمِ، وكذلك ما يرد إلى حكم الحكمين المبعوثين من أهل الزوجين، كما أمر الله سبحانه.

  ومن الاجتهاد ما لا يقوم فيه أحد مقام أحد، نحو تحري جهة الكعبة، ووقت الصلاة إذا أشكل، وهذا وما أشبهه خاصة هو الذي يصح أن يقال فيه على الإطلاق: [إن⁣(⁣١)] كل مجتهد مصيب.

[ذكر أقوال الأئمة (ع) في ذم من يقول في الدين بالرأي]

  ومما يؤيد هذه الجملة من أقوال الأئمة في ذم من يقول في الدين بالرأي، ويعارض الأئمة في الاجتهاد: قول أمير المؤمنين # فيما حكي عنه في كتاب نهج البلاغة: (إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، ودعاء ضلالة؛ فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته⁣(⁣٢). ورجلٌ قمش⁣(⁣٣) جهلاً، موضعٌ في جهال الأمة، عادٍ في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالماً وليس به) ... إلى قوله #: (فإن نزلت به إحدى المهمات هيأ لها حشواً رثاً⁣(⁣٤) من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خباط جهالات، عاشٍ ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يُذري الروايات إذراءَ الريح الهشيم، لا مليء - والله - بإصدار ما ورد عليه، ولا هو


(١) زيادة من نخ (أ).

(٢) نخ (أ): خطيئته.

(٣) قمش جهلاً: جمعه، وموضع: مسرع، وأغباش الفتنة: ظُلَمُها. شرح النهج

(٤) الرث: الخلِق، ضد الجديد. وقوله: «حشواً» يعني: كثيراً لا فائدة فيه. وعاش: خابط في ظلام. وقوله: «يذري الروايات» كأنه يقول: يلقي الروايات كما يلقي الإنسان الشيء على الأرض. والهشيم: ما يبس من النبت وتفتت. شرح النهج بتصرف.