[الفصل الخامس: الكلام في الجوهر]
  ومما يشهد بصحة هذه الجملة من أقوال الأئمة مع ما تقدم:
  قول القاسم بن إبراهيم # في كتاب الدليل الكبير: (ولما ثبت اضطراراً بما لا مرية فيه، وبما جميع العقول كلها مجمعة عليه - أن لكل ما يرى أو يسمع أو يشم أو يذاق أو يلمس أو يتخيل فيتوهم مدبراً لا يخفى تدبيره، ومؤثراً بيناً لكل عقل(١) تأثيره - ثبت وجود خلاف المدبَّر؛ مدبِّراً غير مدبَّر، ووجود خلاف المؤثَّر؛ مؤثِّراً غير مؤثَّر).
  وقوله في كتاب الرد على النصارى: (فكل ما سواه فخلق ابتدعه وابتداه، فوجدنا لله خلقاً بدئاً بعد عدمه، بريئاً من مشاركة الله في قدرته وقدمه).
  وقوله في كتاب مسألة الملحد: (أما قولك: «ما دعاه؟» فمحال، وذلك أنه(٢) لم يزل عالماً بلا سهو ولا غفلة، فقولك: «ما دعاه؟» محال؛ لأن الدعاء والتنبيه والتذكير إنما يحتاج إليها الغافل، فأما الذي لا يجوز أن يغفل فمحال أن يدعوه شيء إلى شيء؛ إذ لا غفلة هناك ولا سهو).
  وقول الحسين بن القاسم # في كتاب الرد على الملحدين: (لم يزل عالماً بجميع فعله، عالماً بما سيريد كينونته).
[الفصل الخامس: الكلام في الجوهر]
  وأما الفصل الخامس: وهو الكلام في الجوهر - فمذهب العترة: أن كل شيء يشغل الجهة ويحله العرض فهو جسم، سواء كان مما يدرك لكثافته، أو لا يدرك لقلته أو للطافته.
  ومذهب من تقدم ذكره من المعتزلة: أن أَقَلَّ ما يمكن أن ينقسم إليه الجسم جَوْهَرٌ وليس بجسم، وأنه جزء لا يتجزأ، وأنه يشغل الحيز ويحله
(١) نخ (ب): عاقل.
(٢) في (ب): لأنه.