مجموع السيد حميدان،

حميدان يحيى القاسمي (المتوفى: 700 هـ)

[الفصل الثالث: في ذكر مغالط المعتزلة في مشاركتهم بين الباري سبحانه وغيره]

صفحة 289 - الجزء 1

  وإنما فرقوا بينهما لأنهم لو قالوا بالمماثلة لصرحوا بالتشبيه، ولو لم يقولوا بالمشاركة لم يمكنهم إثبات الصفات التي لأجل إثباتهم لها ادعوا أنهم لم يقنعوا بالجمل. وقد تقدم من بيان بطلان القول بالمشاركة وأشباهها من البدع ما يدل على أن التوحيد دين مستقيم، وتعبد مستمر، لا تجوز الزيادة فيه، ولا النقصان منه، ولا التجاوز بالنظر فيه لحد المسموع منه؛ لأن الله سبحانه أعلم بنفسه، وهو المعلم لعباده ما لم يكونوا يعلمون.

[الفصل الثالث: في ذكر مغالط المعتزلة في مشاركتهم بين الباري سبحانه وغيره]

  وأما الفصل الثالث: وهو في ذكر مشاركتهم بين الباري سبحانه وغيره - فموضع الغلاط منها على الجملة في جعلهم لها مقدمة يتوصلون بها إلى إثبات دعواهم أن الباري سبحانه لا يخالف ما خالفه إلا بأمر زائد على ذاته، وإلى قياسهم له سبحانه على غيره، وإلى تحديدهم له بالحد المركب من جنس وفصل؛ لأن من شرط المماثلة والمخالفة في الشاهد بين الأجسام أن تكون بصفات زائدة على كونها ذواتاً⁣(⁣١) بزعمهم. ومن شرط صحة القياس أن يشترك المقيس والمقيس عليه في علة توجب اشتراكهما في حكمهما. ومن شرط صحة الحد المركب من جنس وفصل أن يوصف المحدود في أول الحد بما يعمه وغيره؛ ليكون جنساً جامعاً، وأن يوصف في آخره بما يفصله عن غيره من أنواع ذلك الجنس؛ فلو لم يقولوا بالمشاركة لم يمكنهم قياس الباري سبحانه ولا تحديده، فإذا بطل القول بالمشاركة بطل جميع ما بنوه عليها وفرعوه منها.

  ولذلك يحسن التكرار والمبالغة في بيان بطلانها، ولو لم يدل على بطلانها إلا كونها مؤدية إلى إثبات أمور متوسطة بين النفي والإثبات لكان في ذلك كفاية؛ لأن كل ما أدى إلى المحال فهو محال بإجماع كل عاقل.


(١) نخ (أ): ذاتاً.