[الفصل الثاني: الكلام في العقل والنفس]
  الرابعة: أن يعلم أنه لا بد لكل مسألة خلاف من أصل: إما صحيح، وإما باطل، ولذلك فإن الخوض في فروع المسائل قبل معرفة صحة أصلها مما يطول فيه الكلام، ولا ينتهى فيه إلى حد معلوم.
  الخامسة: أن يعلم على الجملة أنه يعجز عن الإحاطة بتفصيل جميع العلوم المختلفة، التي يحار في دقتها وكثرتها الفكر، وينفد دون إدراك جميعها العمر. وأن يعلم مع ذلك أنه لا يجوز له في العقل ولا في الشرع الاتباع لجميع علماء الفرق المختلفين في علوم الدين، لما في ذلك من لبس الحق بالباطل، والجمع بين الأقوال المتناقضة، والاعتقادات المتداحضة، ولا يجوز له الاعتزال لجميعهم؛ لما في ذلك من الترك للحق مع الباطل، ولا يجوز له الاتباع لبعضهم دون بعض بغير دليل؛ لما في ذلك من خطر التقليد لغير المحق.
  السادسة: أن يعلم أنه يجب على كل مكلف أن يقف عند منتهى قدره وحدّ عقله؛ أما وقوفه عند منتهى قدره فلئلا يدعي ما ليس له، نحو دعوى من يدعي من الزنادقة أنه رب، ودعوى من يدعي من الروافض أنه نبي أو إمام.
  وأما وقوفه عند حد عقله فلئلا يخرج إلى الغلو، نحو ما يأتي من أمثلته فيما بعد إن شاء الله سبحانه.
  فهذه جملة مما(١) ينبغي لكل عالم ومتعلم الابتداء بمعرفته وتعريفه.
[الفصل الثاني: الكلام في العقل والنفس]
  وأما الفصل الثاني وهو الكلام في العقل والنفس فهو ينقسم إلى ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس ما هما؟ وأين هما؟ وإلى ذكر جملة مما يعرف به الفرق بينهما.
(١) نخ (ب): ما.