[الكلام في الفرق بين الفاعل والعلة]
  وبهذا الدليل يعلم بيقين أنه لا يجوز أن تكون أسماء الخالق سبحانه ولا أوصافه مشتقة من معنى غير ذاته(١)، ولا من مزية زائدة عليها ليست بشيء ولا لا شيء؛ لما في ذلك من إيهام زائد ومزيد عليه، ومشتق ومشتق منه، تعالى الله عن ذلك.
[الكلام في الفرق بين الفاعل والعلة]
  وأما الكلام في الفرق بين الفاعل والعلة:
  أما الفاعل: فاعلم أن الفاعل الذي هو فاعل على الحقيقة هو كل حي قادر مختار: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، أو مكره على الفعل بغير اختيار(٢).
  وجملة الفاعلين أربعة:
  فالفاعل الأول: هو الله الخالق الباريء المصور المبديء المعيد، الفعال لما يريد. وفعله هو جميع أصول العالم وفروعه، التي لا خالق لها إلا هو سبحانه، خلافاً لمن أنكر ذلك من فرق الملحدين.
  والفاعل الثاني: هو كل حي قادر عالم عاقل متمكن بما ركب الله له وفيه من القدرة ومن آلة الحركة والسكون على تصريف حركته وسكونه فيما يختاره(٣) من فعل واجب أو مستحب أو محظور أو مكروه أو مباح، خلافاً للمجبرة.
  والفاعل الثالث: هو كل عاقل مكره على فعل أو مسخورٍ من المماليك وغيرهم.
  والفاعل الرابع: هو كل حي غير عاقل، وذلك لأن جميع أصناف الحيوانات التي ليست بعاقلة لا توصف بأنها مختارة، وإن كان بعضها ملهماً للتمييز بين ما ينفع ويضر، وهذا التقسيم للفاعلين مخالف لمذهب المجبرة؛ لأن كل فاعل من الخلق مجبور بزعمهم على فعله.
(١) في هامش نخ (أ): المراد بالأسماء والصفات المذكورة ما كان مختصاً بالذات مثل قادر عالم وحي أعني صفات الذات لا صفات الفعل فإنها مشتقة من الفعل، والله أعلم.
(٢) في (ب): غير مختار.
(٣) في (ب): فيما يحتاج.